اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 272
يقوم به الناس كلهم حسب مقدرتهم، فإذا كان الشعراء قادرين على تسجيل توسلهم بالنبي، فإن غيرهم يمكن أن يقوموا بذلك خلال زيارة قبر رسول الله، وطلب الشفاعة عنده، ومثال ذلك ما قاله ابن خطيب داريا [1] في مدحة نبوية:
يا من يروم النّجا في يوم محشره ... كن يا أخيّ عن العصيان منعزلا
وأقصد حمى طيبة وانزل بساحتها ... ما خاب من في حمى المختار قد نزلا «2»
وتردّد صدى هذه الدعوة في المديح النبوي، فعبّر شعراؤه عن شوقهم لزيارة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعن غرضهم من الزيارة، فإذا ما حرم الشاعر من زيارة قبر رسول الله لسبب من الأسباب، أرسل مدحته النبوية إلى الروضة الشريفة، تحمل توسله واستجارته بالنبي الأمين، مثلما فعل لسان الدين بن الخطيب حين قال:
فإن أحرم زيارته بجسمي ... فلم أحرم زيارته بقلبي
فدونك يا رسول الله منّي ... تحيّة مؤمن وهدى محبّ «3»
فالتوسل برسول الله وطلب شفاعته أخذ حيّزا مهمّا من المدحة النبوية، واحتفل له شعراء المديح النبوي وكأنهم جعلوه الغاية من نبوياتهم، وما يريدونه لأنفسهم من وراء مديحهم للنبي الكريم، فاقتصر بعض الشعراء في بعض قصائدهم النبوية على التشفع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطلب غوثه وعونه، والصلاة عليه، وسمي هذا النوع من المديح النبوي الوسيلة، التي انتشرت في وقت متأخر من العصر المملوكي، وخاصة عند المتصوفة، ومن ذلك وسيلة لأبي الحسين الأهدل [4] ، بدأها بقوله: [1] ابن خطيب داريا: محمد بن أحمد بن سليمان الأنصاري الدمشقي أديب شاعر له تصانيف، توفي (810 هـ) . السخاوي: الضوء اللامع 6/ 310.
(2) المجموعة النبهانية: 3/ 369.
(3) المقري: أزهار الرياض 3/ 148. [4] الأهدل: الحسين بن الصديق، فقيه حذق علوما كثيرة، وجاور في مكة والمدينة، توفي سنة (903 هـ) . العيدروسي: النور السافر ص 26.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 272