اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 22
إن كثيرا من المدائح النبوية قد حملت في ثناياها إشارات هامة إلى الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في العصر المملوكي، مثل الغزو الخارجي الذي هدّد وجود الدولة العربية الإسلامية، ومثل استئثار فئة قليلة بالحكم وحرمان الأكثرية العربية منه، وهذا يظهر أن الآراء والمشاعر السياسية كانت وراء نظم بعض المدائح النبوية، أو أنها اشتركت مع مشاعر أخرى، دفعت الشعراء إلى نظم المديح النبوي، واتخاذه وسيلة لحمل هذه المشاعر وإظهارها، لأنها تداخلت مع المشاعر الدينية في معرض الحديث عن رسول الله، وهذا يمنع الاعتراض عليها، أو عقاب من يظهرها بالإضافة إلى أن النبي الكريم عربي، أنشأ الأمة العربية، وجعل لها مكانة سامية بين الأمم، وحمّلها رسالة سماوية خالدة إلى العالم، ومدحه يذكّر الناس بهذه الحقائق ويعلي من شأن الأمة التي بعث منها.
وكذلك الأمر في صراع الأمة العربية مع أعدائها، فإن هذا الصراع لبس لبوسا مغايرا لحقيقته، حين ادعى الغزاة أن عدوانهم على الأمة العربية دافعه الدين، فهاجموا الإسلام ونبيه، فكان الرد العربي الإسلامي في هذه الحال هو مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والإشادة به، فكانت مدائحه من هذه الناحية سلاحا سياسيا يجابه به العرب أعداءهم.
وهكذا ظهر لنا بوضوح أن الدافع السياسي كان أحد الدوافع وراء نظم المدائح النبوية وانتشارها في هذا العصر.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 22