اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 155
لذلك ورد ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعرهم، ومدحه بعضهم في قصائد تصوفهم، أو في قصائد خاصة، ومن هنا جاء التداخل بين الشعر الصوفي وشعر المديح النبوي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن طريقة المتصوفة في شعرهم، وفي غزلهم الرمزي قد انتقلت إلى قصائد المديح النبوي، وقد أكثروا في مطالع قصائدهم من الحنين إلى الأماكن المقدسة، وذكر المعاهد الحجازية وانتقل هذا الأمر أيضا إلى المدائح النبوية.
فالعلاقة بين شعر التصوف والمديح النبوي علاقة وثيقة، وخاصة حين ينظم المتصوفة قصائد المديح النبوي ويطبعونها بطابعهم، لكن الفيصل بين المديح النبوي والشعر الصوفي، هو أن الشعر الصوفي الذي ذكر فيه الرسول الكريم لم يكن يقصد به مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكن الموضوع فرض على الشاعر ذكره، ولذلك لا يعد هذا الشعر من المدائح النبوية، وكذلك إذا نظم شاعر قصيدة في مدح النبي وتطرق في قصيدته إلى بعض عقائد المتصوفة، أو اتخذ طريقتهم في التعبير، فإن هذا الشعر هو من المدائح النبوية، وإن عد من الشعر الصوفي على وجه من الوجوه.
وقد اتخذ المتصوفة من الغزل والخمر وسيلة للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، واتخذوهما رمزا لعواطفهم ومواجدهم، ولذلك انتقل هذا الغزل الرمزي إلى شعر المديح النبوي، ويبدو أن أوائل المتصوفة كانوا يعبرون عن مشاعرهم بأبيات غزلية يحفظونها، يبقونها كما هي، أو يغيّرون فيها لتلائم ما يريدون إيصاله إلى سامعيهم، وأخذ من جاء بعدهم ينظم على غرار هذه الأبيات، إلى أن ثبتت طريقة للتعبير عن الوجد الإلهي عند المتصوفة، وكذلك الأمر في شعر الخمر.
ومن هذا الغزل الرمزي، والحنين إلى المقدسات، قول الفائز ابن شاهنشاه بن أيوب الذي ترك الإمارة وصار صوفيا:
إذا نفحت ريح المحصّب من نجد ... طربت لمسراها بما هاج من وجدي
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 155