اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 55
واعلم أيضا أن المعتبر في العرض الأولي هو انتفاع الواسطة في العروض دون الواسطة في الثبوت التي هي أعم. يشهد بذلك أنهم صرحوا بأن السطح من الأعراض الأولية للجسم التعليمي مع أن ثبوته بواسطة انتهائه وانقطاعه وكذلك الخط للسطح والنقطة للخط
وصرحوا بأن الألوان ثابتة للسطوح أولا وبالذات مع أن هذه الأعراض قد فاضت على محالها من المبدأ الفياض. وعلى هذا فالمعتبر فيما يقابل العرض الأولي أعني سائر الأقسام ثبوت الواسطة في العروض.
وإن شئت الزيادة على ما ذكرنا فارجع إلى شرح المطالع وحواشيه وغيرها من كتب المنطق
فائدة قالوا: يجوز أن تكون الأشياء الكثيرة موضوعا لعلم واحد لكن لا مطلقا بل بشرط تناسبها بأن تكون مشتركة في ذاتي كالخط والسطح والجسم التعليمي للهندسة فإنها تشارك في جنسها وهو المقدار أو في عرضي كبدن الإنسان وأجزائه والأغذية والأدوية والأركان والأمزجة وغير ذلك إذا جعلت موضوعات للطب فإنها تتشارك في كونها منسوبة إلى الصحة التي هي الغاية القصوى في ذلك العلم.
فائدة: قالوا: الشيء الواحد لا يكون موضوعا للعلمين. وقال صدر الشريعة[1]: هذا غير ممتنع فإن الشيء الواحد له أعراض متنوعة ففي كل علم يبحث عن بعض. منها ألا ترى أنهم جعلوا أجسام العالم وهي البسائط موضوع علم الهيئة من حيث الشكل وموضوع علم السماء والعالم من حيث الطبيعة وفيه نظر.
أما أولا: فلأنهم لما حاولوا معرفة أحوال أعيان الموجودات وضعوا الحقائق أنواعا وأجناسا وبحثوا عما أحاطوا به من أعراضها الذاتية فحصلت لهم مسائل كثيرة متحدة في كونها بحثا عن أحوال ذلك الموضوع. وإن اختلفت محمولاتها فجعلوها بهذا الاعتبار علما واحدا يفرد بالتدوين والتسمية. وجوزوا لكل أحد أن يضيف إليه ما يطلع عليه من أحوال ذلك الموضوع. فإن المعتبر في العلم هو البحث عن جميع ما تحيط به الطاقة الإنسانية من الأعراض الذاتية للموضوع. فلا معنى للعلم الواحد إلا أن يوضع بشيء أو أشياء متناسبة فيبحث عن جميع عوارضه ولا معنى لتمايز العلوم. إلا أن هذا ينظر في أحوال شيء وذلك في أحوال شيء آخر مغاير له بالذات أو بالاعتبار بأن يؤخذ في أحد العلمين مطلقا وفي الآخر مقيدا أو يؤخذ في كل منهما مقيدا بقيد آخر. وتلك الأحوال مجهولة مطلوبة والموضوع معلوم بين الموجود وهو الصالح سببا للتمايز.
وأما ثانيا: فلأنه ما من علم إلا ويشتمل موضوعه على أعراض ذاتية متنوعة فلكل أحد أن يجعله علوما متعددة بهذا الاعتبار مثلا يجعل البحث عن فعل المكلف من حيث الوجوب علما ومن حيث الحرمة علما آخر إلى غير ذلك. فيكون الفقه علوما متعددة موضوعها فعل المكلف فلا ينضبط الاتحاد والاختلاف.
فائدة: قال صدر الشريعة: قد تذكر الحيثية في الموضوع. وله معنيان.
أحدهما: أن الشيء مع تلك الحيثية موضوع كما يقال: الموجود من حيث إنه موجود أي: من هذه [1] هو عبيد الله بن مسعود بن محمود بن أحمد المحبوبي البخاري الحنفي، من علماء الحكمة والطبيعيات وأصول الفقة والدين، له مؤلفات كثيرة في ذلك، توفي سنة 747هـ = 1346م.
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 55