اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 171
وجاءت بعدهم حلبة كان سابقها: مدغيس وقعت له العجائب في هذه الطريقة وظهر بعد هؤلاء بإشبيلية: ابن جحدر الذي فضل على الزجالين في فتح ميورقة بالزجل قال ابن سعيد: لقيته ولقيت تلميذه: المعمع صاحب الزجل المشهور ثم جاء من بعدهم: أبو الحسن: سهل بن مالك - إمام الأدب - ثم من بعدهم لهذه العصور صاحبنا الوزير: أبو عبد الله بن الخطيب إمام النظم والنثر في الملة الإسلامية من غير مدافع وكان لعصره بالأندلس: محمد بن عبد العظيم من أهل وادي آش وكان إماما في هذه الطريقة وهذه الطريقة الزجلية لهذا العهد هي فن العامة بالأندلس من الشعر وفيها نظمهم حتى إنهم لينظمون بها في سائر البحور الخمسة عشر لكن بلغتهم العامية ويسمونه: الشعر الزجلي وكان من المجيدين لهذه الطريقة: الأديب: أبو عبد الله الألوسي ثم استحدث أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشعر في أعاريض مزدوجة كالموشح نظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضا وسموه: عروض البلد وكان أول من استحدثه فيهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس يعرف: بابن عمير فنظم قطعة على طريقة الموشح ولم يخرج فيها عن مذاهب الإعراب فاستحسنه أهل فاس وولعوا به ونظموا على طريقته وتركوا الإعراب الذي ليس من شأنهم وكثر سماعه بينهم واستفحل فيه كثير منهم ونوعوه أصنافا إلى: المزدوج والكاري والملعبة والغزل واختلفت أسماؤها باختلاف ازدواجها وملاحظاتهم فيها وكان منهم: الشيخ: علي بن المؤذن سلمان وبزرهون - من ضواحي مكناسة - رجل يعرف: بالكفيف أبدع في مذاهب هذا الفن وأتى فيه بكل غريبة من الإبداع. وأما أهل تونس فاستحدثوا في الملعبة أيضا على لغتهم الحضرية إلا أن أكثره رديء.
وكان وكان ومنه: مفرد ومنه في بيتين ويسمونه: دوبيت على الاختلافات المعتبرة عندهم في كل واحد منها وغالبها مزدوجة من أربعة أغصان وتبعهم في ذلك أهل مصر القاهرة وأتوا فيها بالغرائب وتبحروا فيها في أساليب البلاغة بمقتضى لغتهم الحضرية فجاءوا بالعجائب.
واعلم: أن الأذواق في معرفة البلاغة كلها إنما تحصل لمن خالط تلك اللغة وكثر استعماله لها ومخاطبته بين أجيالها حتى يحصل ملكتها - كما قلناه في اللغة العربية - فلا الأندلسي بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب ولا المغربي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق ولا المشرق بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمغرب لأن اللسان الحضري وتراكيبه مختلفة فيهم وكل واحد منهم مدرك لبلاغة لغته وذائق محاسن الشعر من أهل جلدته[1] {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} . [1] آخر ما نقله المؤلف من مقدمة ابن خلدون انظره صفحة 1475. وقد جاء في هامش الأصل تنبيه على ذلك نصه: "إلى هنا انتهى ما نقله المؤلف السيد العلامة من كتاب "عنوان العبر وديوان المبتدأ والخبر" من غير حذف ولا إسقاط مطلب، فيعلم". "ممتاز الدولة مير عبد الحي كان".
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 171