responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان    الجزء : 1  صفحة : 154
أهل الأمصار ثم عكفوا على الممارسة والمدارسة لكلام العرب حتى استولوا على غايته واليوم الواحد من العجم إذا خالط أهل اللسان العربي بالأمصار فأول ما يجد تلك الملكة المقصودة من اللسان العربي ممتحية الآثار ويجد ملكتهم الخاصة بهم ملكة أخرى مخالفة لملكة اللسان العربي ثم إذا فرضنا أنه أقبل على الممارسة لكلام العرب وأشعارهم بالمدارسة والحفظ يستفيد تحصيلها فقل أن يحصل له لما قدمناه من: أن الملكة إذا سبقتها ملكة أخرى في المحل فلا تحصل إلا ناقصة مخدوشة وإن فرضنا عجميا في النسب سلم من مخالطة اللسان العجمي بالكلية وذهب إلى تعلم هذه الملكة بالمدارسة فربما يحصل له ذلك لكنه من الندور بحيث لا يخفى عليك بما تقرر وربما يدعي كثير ممن ينظر في هذه القوانين البيانية حصول هذا الذوق له بها وهو غلط أو مغالطة وإنما حصلت له الملكة أن حصلت في تلك القوانين البيانية وليست من ملكة العبارة في شيء والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم[1].

[1] آخر كلام ابن خلدون.
مطلب: في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم 1
ومن كان منهم أبعد عن اللسان العربي كان حصولها له أصعب وأعسر والسبب في ذلك: ما يسبق إلى المتعلم من حصول ملكة منافية للملكة المطلوبة بما سبق إليه من اللسان الحضري الذي أفادته العجمة حتى نزل بها اللسان عن ملكته الأولى إلى ملكة أخرى هي لغة الحضري لهذا العهد ولهذا نجد المعلمين يذهبون إلى المسابقة بتعليم اللسان للولدان وتعتقد النحاة أن هذه المسابقة بصناعتهم وليس كذلك وإنما هي بتعليم هذه الملكة بمخالطة اللسان وكلام العرب
نعم صناعة النحو أقرب إلى مخالطة ذلك وما كان من لغات أهل الأمصار أعرق في العجمة وأبعد عن لسان مضر قصر بصاحبه عن تعلم اللغة المضرية وحصول ملكتها لتمكن المنافاة.
واعتبر ذلك في أهل الأمصار فأهل إفريقية والمغرب لما كانوا أعرق في العجمة وأبعد عن اللسان الأول كان لهم قصور تام في تحصيل ملكته بالتعليم
ولقد نقل ابن الرقيق[2] أن بعض كتاب القيروان كتب إلى صاحب له: يا أخي ومن لا عدمت فقده أعلمني أبو سعيد كلاما: أنك كنت ذكرت أنك تكون مع الذين تأتي وعاقنا اليوم فلم يتهيأ لنا الخروج وأما أهل المنزل الكلاب من أمر الشين فقد كذبوا هذا باطلا ليس من هذا حرفا واحدا وكتابي إليك وأنا مشتاق إليك إن شاء الله تعالى.
وهكذا كانت ملكتهم في اللسان المضري شبيها بما ذكرنا وكذلك أشعارهم كانت بعيدة عن الملكة نازلة عن الطبقة ولم تزل كذلك لهذا العهد ولهذا ما كان بأفريقية من مشاهير الشعراء إلا ابن رشيق[3].

[1] الفصل في مقدمة ابن خلدون صفحة 1402-1405.
[2] هو أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق أو ابن الرقيق، مؤرخ أديب، من أهل القيروان، له مؤلقات في التاريخ، توفي بعد سنة 417هـ - 1076م.
[3] هو الحسن بن رشيق القيرواني صاحب كتاب العمدة في صناعة الشعر ونقده أديب نقاد باحث، نظم الشعر وله ديوان، ألف كتباً في النقد واللغة والرجال: 390-463هـ = 1000-1071م.
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست