اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 101
وقد ذكرنا في لقطة العجلان[1] أحوال الأمم الماضية على سبيل الإيجاز فإن شئت فارجع إليه.
الفصل الثالث: في أهل الإسلام وعلومهم
وفيه: إشارات
الإشارة الأولى: في صدر الإسلام
اعلم أن العرب في آخر عصر الجاهلية حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تفرق ملكها وتشتت أمرها فضم الله سبحانه وتعالى به شاردها وجمع عليه جماعة من قحطان وعدنان فآمنوا به ورفضوا جميع ما كانوا عليه والتزموا شريعة الإسلام من الاعتقاد والعمل ثم لم يلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قليلا حتى توفي وخلفه أصحابه - رضي الله عنهم - فغلبوا الملوك وبلغت مملكة الإسلام في أيام عثمان بن عفان من الجلالة والسعة إلى حيث نبه - عليه الصلاة والسلام - في قوله: "زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها". فأباد الله تعالى بدولة الإسلام دولة الفرس بالعراق وخراسان ودولة الروم بالشام ودولة القبط بمصر فكانت العرب في صدر الإسلام لا تعتني بشيء من العلوم إلا بلغتها ومعرفة أحكام شريعتها وبصناعة الطب فإنها كانت موجودة عند أفراد منهم لحاجة الناس طرا إليها وذلك منهم صونا لقواعد الإسلام وعقائده عن تطرق الخلل من علوم الأوائل قبل الرسوخ والإحكام حتى يروى انهم أحرقوا ما وجدوا من الكتب في فتوحات البلاد وقد ورد النهي عن النظر في التوراة والإنجيل لاتحاد الكلمة واجتماعها على الأخذ والعمل بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستمر ذلك إلى آخر عصر التابعين ثم حدث اختلاف الآراء وانتشار المذاهب فآل الأمر إلى التدوين والتحصين.
الإشارة الثانية: في الاحتياج إلى التدوين
اعلم أن الصحابة والتابعين لخلوص عقيدتهم ببركة صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرب العهد إليه ولقلة الاختلاف والواقعات وتمكنهم من المراجعة إلى الثقات كانوا مستغنين عن تدوين علم الشرائع والأحكام حتى إن بعضهم كره كتابة العلم واستدل بما روي عن أبي سعيد الخدري أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتابة العلم فلم يأذن له
وروي عن ابن عباس أنه نهى عن الكتابة وقال: إنما ضل من كان قبلكم بالكتابة
وجاء رجل إلى عبد الله بن عباس فقال: إني كتبت كتابا أريد أن أعرضه عليك فلما عرض عليه أخذ منه ومحا بالماء فقيل له: لماذا فعلت؟ قال: لأنهم إذا كتبوا اعتمدوا على الكتابة وتركوا الحفظ فيعرض للكتاب عارض فيفوت علمهم واستدل أيضا بان الكتاب مما يزاد فيه وينقص ويغير والذي حفظ لا يمكن تغييره لأن الحافظ يتكلم بالعلم والذي يخبر عن الكتابة يخبر بالظن والنظر.
ولما انتشر الإسلام واتسعت الأمصار وتفرقت الصحابة في الأقطار وحدثت الفتن واختلاف الآراء وكثرت الفتاوى والرجوع إلى الكبراء أخذوا في تدوين الحديث والفقه وعلوم القرآن واشتغلوا بالنظر [1] لمؤلف أبجد العلوم.
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 101