responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 65
الشَّبَاب. وَإِمَّا فَاقِد صِحَّته فِي السّمع وَالْبَصَر أَو بعض أَعْضَائِهِ الَّتِي قوتها ووفورها زمن الصِّبَا وَحين الحداثة. وَالْمعْنَى الأول أَكثر مَا يتشوق فَإِن المكتهل والمجتمع وَمن بلغ الأشد الَّذِي لَا يُنكر شَيْئا من حواسه - يتشوق إِلَى الصِّبَا وَالشَّيْخ لَا يعْدم من نَفسه ورأيه وعقله شَيْئا مِمَّا كَانَ يجده فِي شبابه واللهم إِلَّا أَن يهرم ويلحقه الخرف فَحِينَئِذٍ لَا يذكر بِشَيْء من التشوق وَلَا يُوصف بِهِ وَلَا يحْتَج بِرَأْيهِ. وَهَهُنَا سَبَب ثَالِث يشوق إِلَى الصِّبَا وَهُوَ أَن الأمل حِينَئِذٍ فِي الْبَقَاء قوي وَكَأن الْإِنْسَان ينْتَظر أَمَامه حَيَاة طَوِيلَة فَكلما مضى مِنْهَا زمَان تَيَقّن أَنه من أمده الْمَضْرُوب وعمره الْمَقْسُوم فاشتاق إِلَى أَن يسْتَأْنف بِهِ طَمَعا فِي الْبَقَاء السرمدي الَّذِي لَا سَبِيل للجسد الفاني إِلَيْهِ. إِلَّا الْمَعْنى الأول هُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشُّعَرَاء فَأَكْثرُوا فِيهِ وَقد صَرَّحُوا بِهِ وذكروه فِي أشعارهم. والمتشوق إِلَى شهواته صورته عِنْد الْحُكَمَاء صُورَة من أعتق فاشتاق إِلَى الرّقّ أَو صُورَة من أفلت من سِبَاع ضارية كَانَت مقرونة بِهِ فاشتاق إِلَى معاودتها. وَذَلِكَ أَن الشَّاب تهيم بِهِ قوى الطبيعة عِنْده الشَّهْوَة وَعند الْغَضَب حَتَّى تغمر عقله فَلَا يستشير لبه وَلَا يكَاد يظْهر أثر الْعقل عَلَيْهِ إِلَّا ضَعِيفا. وَقد بَينا فِيمَا تقدم من الْمسَائِل أَن فَضِيلَة الْإِنْسَان وشرفه فِي الْجُزْء الألهي مِنْهُ وَإِن كَانَ الْجُزْء الآخر ضَرُورِيًّا لَهُ. فقد بَان أَن السن الَّتِي تضعف فِيهَا قوى الطبيعة حَتَّى يقتدر عَلَيْهَا الْعقل فيزمها ويجرها ذليلة طَائِعَة غير متأبية وَلَا هائجة - أفضل الْأَسْنَان

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست