responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 363
فالنبات كَمَا ذكرنَا أبسط وأقدم أَعنِي أَنه لَا يحْتَاج فِي وجوده إِلَى وجود الْحَيَوَان. فَهُوَ يَكْتَفِي بمادته من الأَرْض والهواء وَالْمَاء والحرارة الَّتِي تَأتيه من الشَّمْس حَتَّى يتم وَيحصل وجوده. فَأَما الْحَيَوَان فَلَا يَكْتَفِي بِتِلْكَ الْأَشْيَاء حَتَّى تنضاف إِلَيْهَا مَادَّة أُخْرَى تغذوه إِذْ كَانَ لَا يَكْتَفِي بالبسائط من المَاء وَالْأَرْض والهواء وَيحْتَاج إِلَى النَّبَات حَتَّى يغذوه ويكمل وجوده ويحفظ عَلَيْهِ قوامه. فَإِذا كَانَ وجوده وقوامه بالنبات جَازَ أَن يتَوَلَّد فِيهِ. وَلما كَانَ وجود النَّبَات يتم بِغَيْرِهِ وَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ لم يتَوَلَّد فِيهِ. وَلَو تولد النَّبَات فِي الْحَيَوَان - مَعَ أَنه لَا يغذوه وَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ والطبيعة لَا تفعل شَيْئا بَاطِلا وَلَا لَغوا - لأفسد الْحَيَوَان وَفَسَد هُوَ فِي ذَاته: أما إفساده الْحَيَوَان فلحاجته إِلَى مَا يصرف فِيهِ عروقه الَّتِي يمتص بهَا مادته الَّتِي تحفظ عَلَيْهِ ذَاته وتعوضه مِمَّا يتَحَلَّل مِنْهُ وَمَتى ضروب عروقه فِي بدن الْحَيَوَان تفرق اتِّصَاله وَفِي تفرق اتِّصَال بدن الْحَيّ هَلَاكه. وَأما هَلَاكه فِي نَفسه وفساده فَلِأَنَّهُ لَا يجد المَاء الْبَسِيط وَالْأَرْض البسيطة والهواء الَّذِي مِنْهُ قوامه ومادته فَإِن الْحَيَوَان لَا تُوجد فِيهِ هَذِه البسائط بِالْفِعْلِ. وَهَذَا كَاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة.

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست