responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 279
يكون الْوَهم أعجز عَنهُ وَإِنَّمَا الْوَهم تَابع للحس والحس تَابع للمزاج والمزاج تَابع أثر من آثَار الطبيعة. وَمِثَال ذَلِك أَن الأوتار الْكَثِيرَة إِنَّمَا يطْلب بهَا وبكثرة الدساتين عَلَيْهَا أَن تخرج من بَينهمَا نَغمَة مَقْبُولَة وَتلك النغمة إِنَّمَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا بِجَمِيعِ الْآلَة وأجزائها من الأوتار والدساتين بالقرعات فالنغمة وَإِن كَانَت وَاحِدَة فَإِنَّهَا تتمّ بمساعدة جَمِيع تِلْكَ الْإِجْزَاء. فَإِن خَان وَاحِد مِنْهَا خرجت النغمة كريهة: إِمَّا بعيدَة من الْقبُول وَإِمَّا قريبَة على قدر عجز الْأَسْبَاب وقصور بَعْضهَا. فَكَذَلِك الهيولى فِي حَاجَتهَا إِلَى مزاج مَا بَين اسطقصات وصور أُخْرَى كَثِيرَة تصير بجميعها مستعدة لقبُول صور الْحسن الَّذِي هُوَ اعْتِدَال مَا ومناسبة مَا صَحِيحَة بَين أمزجة وأعضاء فِي الْهَيْئَة الشكل واللون وَغَيرهَا من الْأَحْوَال الَّتِي مجموعها كلهَا هُوَ الْحسن. وَالْحسن وَإِن كَانَ أمرا وَاحِدًا وَصُورَة وَاحِد فَهُوَ مثل النغمة الْوَاحِدَة المقبولة الَّتِي تحْتَاج إِلَى هيئات كَثِيرَة وصور مُخْتَلفَة جمة ليحصل من بَينهَا هَذَا الِاعْتِدَال المقبول. وَالوهم فِي خُرُوجه عَن الِاعْتِدَال سهل الْحَرَكَة. فَأَما فِي حفظه إِيَّاه وتوصله إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى تَعب شَدِيد وَأخذ مقامات كَثِيرَة واستخراج اعْتِدَال بَينهَا. وَهَكَذَا الْحَال فِي كل اعْتِدَال فَإِن حفظه والثبات عَلَيْهِ صَعب. فَأَما

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست