responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 263
الْحَال فِي الْقُوَّة النزاعية الَّتِي فِي تِلْكَ الحاسة لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تشتاق إِلَى تكمل الحاسة وتصييرها بِالْفِعْلِ بعد أَن كَانَت بِالْقُوَّةِ. وَمعنى هَذَا الْكَلَام أَن الْحَواس كلهَا هِيَ حواس بِالْقُوَّةِ إِلَى أَن تدْرك محسوساتها فَإِذا أدركتها صَارَت حواس بِالْفِعْلِ. وَإِذا كَانَ الْأَمر على مَا وَصفنَا فَلَيْسَ بعجب أَن يكون هَذَا الْمَعْنى فِي بعض الْحَواس قَوِيا ويضعف فِي بعض فَيكون بعض النَّاس يشتاق إِلَى السماع وَبَعْضهمْ إِلَى النّظر وَبَعْضهمْ إِلَى المذوقات من الْمَأْكُول والمشروب وَبَعْضهمْ إِلَى المشمومات وألوان الروائح بَعضهم إِلَى الملبوسات من الثِّيَاب وَغَيرهَا. وَرُبمَا اجْتمع لوَاحِد أَن يشتاق إِلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا أَو ثَلَاثَة أَو إِلَيْهَا كلهَا. وَلكُل وَاحِد من هَذِه المحسوسات أَنْوَاع كَثِيرَة لَا تحصى ولأنواعها أشخاص بِلَا نِهَايَة. وَهِي على كثرتها وعددها الجم وخروجها إِلَى حد مَا لَا نِهَايَة لَهُ - لَيست كمالات للْإنْسَان من حَيْثُ هُوَ إِنْسَان وَإِنَّمَا كَمَاله الَّذِي يتمم إنسانيته هُوَ فِيمَا يُدْرِكهُ بعقله. أَعنِي الْعُلُوم. وَأَشْرَفهَا مَا أدّى إِلَى أشرف المعلومات. وَإِنَّمَا صَار الْبَصَر والسمع أشرف الْحَواس لِأَنَّهُمَا أخص بالمعارف وَأقرب إِلَى الْفَهم والتمييز وَبِهِمَا تدْرك أَوَائِل المعارف وَمِنْهَا يرتقي إِلَى الْعُلُوم الْخَاصَّة بالنطق. وَإِذا كَانَت الْحَالة على هَذِه الصُّورَة فِي الشوق إِلَى مَا يتمم وجود الْحَواس ويخرجها إِلَى الْفِعْل وَكَانَ من الظَّاهِر الْمُتَعَارف أَن بعض النَّاس يشتاق إِلَى نوع مِنْهَا فَيحْتَمل فِيهِ كل مشقة وأذى حَتَّى يبلغ أربه فِيهِ - لم يكن بديعاً وَلَا عجبا أَن يشتاق آخر إِلَى نوع آخر فَيحْتَمل مثل ذَلِك فِيهِ. إِلَّا أَنا وجدنَا اللُّغَة فِي بعض هَذِه عنيت فَوضعت لَهُ اسْما وَفِي بَعْضهَا لم تغن فأهملته وَذَلِكَ أَنا قد وجدنَا لمن يشتاق إِلَى الْمَأْكُول والمشروب إِذا أفرطت قوته النزاعية إِلَيْهِمَا حَتَّى يعرض لَهُ مَا ذكرته من

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست