responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 260
الْأَشْيَاء الْمَشْرُوط فِي وجود كل فعل إنساني فَحِينَئِذٍ يُبَادر هَذَا النَّاظر بالحكم على الْإِنْسَان بالجبر وَيمْنَع من الِاخْتِيَار. وَكَذَلِكَ تكون حَال من ينظر فِي فعله من حَيْثُ هُوَ مُخْتَار فَإِنَّهُ إِذا نظر فِي هَذِه الْجِهَة وتخلى عَن الْجِهَات الْأُخَر الَّتِي هِيَ أَيْضا ضَرُورِيَّة فِي وجوده فَإِنَّهُ أَيْضا سيبادر إِلَى الحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَاعل مُتَمَكن وَيمْنَع من الْجَبْر. وَهَكَذَا حَال كل شَيْء مركب عَن بسيط فَإِن النَّاظر فِي ذَلِك الْمركب إِذا نظر فِيهِ بِحَسب جُزْء من أَجْزَائِهِ الَّذِي تركب مِنْهُ وَترك أجزاؤه الْبَاقِيَة - تعرض لَهُ الشكوك الْكَثِيرَة من أَجْزَائِهِ الْبَاقِيَة الَّتِي ترك النّظر فِيهَا. وَالْفِعْل الإنساني وَإِن كَانَ اسْمه وَاحِدًا فوجوده مُعَلّق بأَشْيَاء كَثِيرَة لَا يتم إِلَّا بهَا فَمَتَى لحظ النَّاظر فِيهِ شَيْئا وَاحِدًا مِنْهَا وَترك مُلَاحظَة الْبَاقِيَات عرضت لَهُ الشكوك من تِلْكَ الْأَشْيَاء الَّتِي أغفلها. وَالْمذهب الصَّحِيح هُوَ مَذْهَب من نظر فِي وَاحِد وَاحِد مِنْهَا فنسب الْفِعْل إِلَى الْجَمِيع وَخص كل جِهَة بقسط من الْفِعْل وَلم يَجْعَل الْفِعْل الإنساني اخْتِيَارا كُله وَلَا تفويضاً كُله وَلِهَذَا قيل: دين الله بَين الغلو وَالتَّقْصِير. فَإِن من زعم أَن الْفِعْل الإنساني يَكْفِي فِي وجوده أَن يكون صَاحبه مُتَمَكنًا من الْقُوَّة الفاعلة بِالِاخْتِيَارِ فَهُوَ غال من حَيْثُ أهمل الْأَشْيَاء الهيولانية والأسباب القهرية والعوائق الَّتِي عددتها وَهَذَا يُؤَدِّيه إِلَى التَّفْوِيض. وَكَذَلِكَ حَال من زعم أَن فعله يَكْفِي فِي وجوده أَن ترْتَفع هَذِه الْعَوَائِق عَنهُ وَتحصل لَهُ الْأَشْيَاء الهيولاينة فَهُوَ مقصر من حَيْثُ أهمل الْقُوَّة الفاعلة بِالِاخْتِيَارِ وَهَذَا يُؤَدِّيه إِلَى الْجَبْر. وَإِذا كَانَ هَذَا على مَا بَيناهُ ولخصناه فقد ظهر الْمَذْهَب الْحق وَفِيه جَوَاب مسألتك عَن الْجَبْر وَالِاخْتِيَار. وَيعلم علما وَاضحا أَن الْإِنْسَان إِذا

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست