responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 224
غير مُسلم الْمُقدمَات وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان إِذا مَاتَ فَلَيْسَ يعْدم رَأْسا بل إِنَّمَا تبطل عَنهُ أَعْرَاض وتعدم عَنهُ كيفيات فَأَما جواهره فَإِنَّهَا غير مَعْدُومَة وَلَا يجوز على الْجَوْهَر الْعَدَم بتة لما تبين فِي أصُول الفلسفة من أَن الْجَوْهَر لَا ضد لَهُ وَمن أَشْيَاء أخر لَيْسَ هَذَا موضعهَا. فالجوهر لَا يقبل الْعَدَم من حَيْثُ جَوْهَر وأجزاء الْإِنْسَان إِذا مَاتَ تنْحَل إِلَى أُصُولهَا - أَعنِي العناصر الْأَرْبَعَة وَذَلِكَ بِأَن يَسْتَحِيل إِلَيْهَا. وَأما جوهره الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة فقد تبين أَنه أَحَق بالجوهرية من عناصره الْأَرْبَعَة فَهُوَ إِذن دَائِم الْبَقَاء أَيْضا. وَلما لم تكن مسألتك متوجهة إِلَى هَذَا الْمَعْنى وَإِنَّمَا وَقع الْغَلَط فِي أَخذ مُقَدمَات غير صَحِيحَة وإرسال الْكَلَام فِيهَا على غير تحرز - وَجب أَن ننبه على مَوضِع الْغَلَط ثمَّ نعدل إِلَى جَوَاب الْغَرَض من الْمَسْأَلَة فَنَقُول: إِن الْحَيَاة لَيست بعزيزة إِلَّا إِذا كَانَت جَيِّدَة وأعني بِالْحَيَاةِ الجيدة مَا سلمت من الْآفَات والمكاره وصدرت بهَا الْأَفْعَال تَامَّة جَيِّدَة وَلم يلْحق الْإِنْسَان فِيهَا مَا يكرههُ من الذل السديد والضيم الْعَظِيم والمصائب فِي الْأَهْل وَالْولد. وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان لَو خير بَين هَذِه الْحَيَاة الرَّديئَة وَبَين الْمَوْت الْجيد أَعنِي أَن يقتل فِي الْجِهَاد الَّذِي يذب بِهِ عَن حريمه وَيمْتَنع بِهِ عَن المذلة والمكاره الَّتِي وصفناها لوَجَبَ بِحكم الْعقل والشريعة أَن يخْتَار الْمَوْت وَالْقَتْل فِي مجاهدة من يسومه ذَلِك. وَهَذِه مَسْأَلَة قد سبقت لَهَا نظيرة وتكلمنا عَلَيْهَا بِجَوَاب مقنع وَهُوَ قَوْلك: مَا سَبَب الْجزع من الْمَوْت وَمَا سَبَب الاسترسال إِلَى الْمَوْت فَليرْجع إِلَيْهِ فَإِنَّهُ كَاف.

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست