responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 162
الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِن النَّفس ترى عِنْد غيبَة المرئيات مَا ترَاهُ من وَهَذِه حَال يجدهَا الْإِنْسَان من نَفسه ضَرُورَة لَا يُمكنهُ أَن يدفعني عَنْهَا وَإِلَّا فَمن أَيْن لنا صُورَة بَغْدَاد وخراسان والبلاد الَّتِي شاهدناها مرّة ثمَّ مَنَازلنَا بهَا وصور أصدقائنا فِيهَا وَجَمِيع مَا نتذكره مُنْذُ الصَّبِي لَوْلَا حُصُول هَذِه الصُّورَة فِي الحاس الْمُشْتَرك سِيمَا وَقد تبين بَيَانا لَا ريب فِيهِ أَن الْبَصَر وَسَائِر الْحَواس إِنَّمَا هِيَ انفعالات من المحسوسات واستحالات إِلَيْهَا وَهَذِه الاستحالة لَا تثبت بعد زَوَال المحسوس المخيل فلولا هَذَا الحاس الْمُشْتَرك الْعَام الَّذِي تثبت فِيهِ صور المحسوسات وَلَا تَزُول لَكنا إِذا أبصرنا شَيْئا أَو سمعناه ثمَّ زَالَ عَن بصرنا وَسَمعنَا زَالَت عَنَّا صورته أَلْبَتَّة حَتَّى لَا يمكننا أَن نَعْرِف صورته إِلَّا إِذا وَقعت أبصارنا وَأَسْمَاعِنَا عَلَيْهِ ثَانِيًا وَلَكنَّا أَيْضا مَعَ أبصارنا لَهُ ثَانِيًا وثالثاً لَا نعلم أَنه الأول وَكَذَلِكَ المسموعات. وَلَوْلَا أننا نستثبت صُورَة المحسوسات أَولا أَولا فِي هَذِه الْقُوَّة - أَعنِي الحاس الْعَام الْمُشْتَرك - لَكنا لَا نستفيد بِالْقِرَاءَةِ ورؤية الرقص والحركات كلهَا الَّتِي تَنْتَهِي مَعَ آنات الزَّمَان شَيْئا أَلْبَتَّة لِأَن الْبَصَر مُسْتَحِيل بِقِرَاءَة الْحَرْف بعد الْحَرْف وبالحركة بعد الْحَرَكَة فَلَا تثبت الْحَالة الأولى من استحالتها وَلَو ثَبت الأولى لما حصلت الثَّانِيَة لَكِن الْأَمر بالضد فِي وجودنا هَذِه الصُّور بعد مفارقتها كَأَنَّهَا نصب عيوننا ترَاهَا النَّفس. وَهَذِه الرُّؤْيَة الَّتِي تسمى تذكراً فِي الْيَقَظَة هِيَ بِعَينهَا تسمى فِي النّوم رُؤْيا وَلَكِن هُنَاكَ حَال أُخْرَى زَائِدَة على حَال الْيَقَظَة لِأَن قوى النَّفس عِنْد تَعْطِيل الْحَواس تتوفر على الرُّؤْيَة فترى أَيْضا الْأَشْيَاء الْآتِيَة فِي الزَّمَان

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست