responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 146
مرَارًا كَثِيرَة. فَأَما النَّفس فَإِنَّمَا تَتَكَرَّر عَلَيْهَا صور الإشياء إِمَّا من الْحس وَإِمَّا الْعقل. فَأَما مَا يَأْتِيهَا من الْحس فَإِنَّهَا تخزنه فِي شَيْبه بالخزانة لَهَا أعنى مَوضِع الذّكر وَتَكون الصُّورَة كالغريبة حِينَئِذٍ فَإِذا تكَرر مَرَّات شَيْء وَاحِد وَصُورَة وَاحِدَة زَالَت الغربة وَحدث الْأنس وَصَارَت الصُّورَة والقابل لَهَا كالشيء الْوَاحِد فَإِذا أعادت النَّفس النّظر فِي الخزانة الَّتِي ضربناها مثلا - وجدت الصُّورَة الثَّانِيَة فعرفتها بعد أنس وَهُوَ الإلف. وَهَذَا الإلف يحدث عَن كل محسوس بِالنّظرِ وَغَيره من الْآلَات. فَأَما مَا تَأْخُذهُ من الْعقل فَإِنَّهَا تركب مِنْهُ قياسات وتنتج مِنْهَا صوراً تكون أَيْضا غَرِيبَة ثمَّ بعد التكرر تنطبع فَيَقَع لَهَا الْأنس إِلَّا أَنه فِي هَذَا الْموضع لَا يُسمى إلفا وَلَكِن علما وملكة وَلِهَذَا يحْتَاج فِي الْعُلُوم إِلَى كَثْرَة الدَّرْس لِأَنَّهُ فِي أول الْأَمر يحصل مِنْهُ الشَّيْء يُسمى حَالا وَهُوَ كالرسم ثمَّ بعد ذَلِك بالتكرر يصير قنية وملكة وَيحدث الِاتِّحَاد الَّذِي ذَكرْنَاهُ. فَأَما الطبيعة فَلِأَنَّهَا أبدا مقتفية أثر النَّفس ومتشبهة بهَا إِذْ كَانَت كالظل للنَّفس الْحَادِث مِنْهَا فَهِيَ تجرى مجْراهَا فِي الْأَشْيَاء الطبيعية وَلذَلِك إِذا عود الْإِنْسَان طبعه شَيْئا حدثت مِنْهُ صُورَة كالطبيعة وَلِهَذَا قيل: الْعَادة طبع ثَان.

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست