اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 96
تحويل القبلة «1»
مكث عليه الصلاة والسلام بالمدينة ستة عشر شهرا يستقبل بيت المقدس في صلاته [2] وكان يحب أن تكون قبلته الكعبة ويقلّب وجهه في السماء داعيا الله بذلك. فبينما هو في صلاته إذ أوحى الله إليه بتحويل القبلة إلى الكعبة فتحوّل وتحوّل من وراءه. وكانت هذه الحادثة سببا لافتتان بعض المسلمين الذين ضعفت قلوبهم فارتدّوا على أعقابهم، وقد أكثر اليهود من التنديد على الإسلام بهذا التحويل، وما دروا أنّ لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
صوم رمضان «3»
وفي شعبان من هذه السنة أوجب الله صوم شهر رمضان على الأمة الإسلامية، وكان عليه الصلاة والسلام قبل ذلك يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، والصيام من دعائم هذا الدين، والفرائض التي يتمّ بها النظام، فإن الإنسان مجبول على حب نفسه، والسعي فيما يعود عليها بالنفع الخاصّ، تاركا ما وراء ذلك من حاجات الضعفاء والمساكين، فلا بدّ من وازع يزعه لحاجات قوم أقعدتهم قواهم عن إدراك حاجاتهم، ولا أقوى من ذوق قوارص الجوع والعطش، إذ بهما تلين نفسه ويتهذّب خلقه، فيسهل عليه بذل الصدقات.
(1) قال الجمهور الأعظم من العلماء: إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة. [2] وفي البخاري وعن البراء أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدّس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا. وكذلك في مسلم وعند ابن أبي حاتم، ويحكي القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري أن التوجه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه الصلاة والسلام ويرى ابن عباس وغيره أن التوجه كان بأمر الله. وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت الحرام وأنه صلّى أول صلاة صلاها إلى الكعبة العصر وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن كان معه فمرّ على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، فتوجّهوا إلى الكعبة وهم في الصلاة.
(3) إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء ثم أن الله فرض عليه الصيام وأنزل «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... » ثم أنزل الاية الاخرى «شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ... » إلى قوله «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» فأثبت صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا منعوا حتى أنزل الله «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ. هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ» إلى قوله «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ» .
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 96