responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 218
في زمن عسرة الناس، وجدب البلاد، وشدّة الحرّ، حين طابت الثمار، والناس يحبّون المقام في ثمارهم وظلالهم، فأمر عليه الصلاة والسلام بالتجهّز، وكان قلّما يخرج في غزوة إلّا ورّى بغيرها [1] ليعمّي الأخبار على العدو إلّا في هذه الغزوة، فإنه أخبر بمقصده لبعد الشقة [2] ، ولشدّة العدو، ليأخذ الناس عدّتهم لذلك، وبعث إلى مكّة وقبائل الأعراب يستنفرهم لذلك، وحثّ الموسرين على تجهيز المعسرين، فأنفق عثمان بن عفّان عشرة الاف دينار، وأعطى ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها [3] ، وخمسين فرسا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه» [4] . وجاء أبو بكر بكل ماله: وهو أربعة الاف درهم، فقال صلّى الله عليه وسلّم: هل أبقيت لأهلك شيئا؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائة أوقية، وجاء العباس وطلحة بمال كثير.
وتصدق عاصم بن عدي [5] بسبعين وسقا من تمر، وأرسلت النساء بكل ما يقدرن عليه من حليهنّ، وجاءه صلّى الله عليه وسلّم سبعة أنفس من فقهاء الصحابة يطلبون إليه أن يحملهم. فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، فتولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألّا يجدوا ما ينفقون. فجهز عثمان ثلاثة منهم، وجهز العباس إثنين، وجهز يامين ابن عمرو اثنين، ولمّا اجتمع الرجال خرج بهم رسول الله وهم ثلاثون ألفا، وولّى على المدينة محمّد بن مسلمة، وعلى أهله علي بن أبي طالب، وتخلّف كثير من المنافقين يرأسهم عبد الله بن أبيّ، وقال: يغزو محمّد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد!! أيحسب محمّد أن قتال بني الأصفر معه اللعب؟ والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرّنين في الحبال، واجتمع جماعة منهم، فقالوا في حق رسول الله وأصحابه ما يريدون من الإرجاف، فبلغه ذلك، فأرسل إليهم عمار بن ياسر يسألهم عما قالوا، فقالوا: إنما كنّا نخوض ونلعب. وجاء إليه جماعة، منهم الجد ابن قيس، يعتذرون عن الخروج، فقالوا: يا رسول الله ائذن لنا ولا تفتنا، لأنّا لا

[1] في مسلم من حديث كعب بن مالك. وورّى بغبرها: أي ورى الخبر تورية: أي ستره وأظهر غيره كأنه مأخوذ من وراء الانسان كأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر.
[2] بعد المسير.
[3] الأحلاس جمع حلس وهو كساء رقيق تحت الرحل. والأقتاب: جمع قتب هو للجمل كالإكاف لغيره.
[4] رواه الترمذي بلفظ (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين) .
[5] هو أخو معن بن عدي يكنى أبا عمرو، واتفقوا على ذكره في البدريين. وقال الواقدي: إنه شهد أحدا مات في سنة 45 هـ وهو ابن 115.
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست