اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 214
ابن الأهتم، فجلسوا ينتظرون الرسول، فلمّا أبطأ عليهم نادوا من وراء الحجرات بصوت جاف: يا محمد اخرج إلينا نفاخرك، فإنّ مدحنا زين، وأن ذمّنا شين، فخرج إليهم عليه الصلاة والسلام، وقد تأذّى من صياحهم، وفيهم نزل في أوائل سورة الحجرات إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] وكان الوقت وقت الظهر، فأذن بلال، ودخل النّبي للصلاة، فتعلّقوا به يقولون: نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «ما بالشعر بعثنا ولا بالفخار أمرنا» ثم صلّى واجتمع حوله رجال الوفد يتفاخرون بمجدهم ومجد ابائهم، وقد مدح عمرو بن الأهتم الزبرقان بن بدر، فقال: إنه لمطاع في أنديته سيد في عشيرته، فقال: الزبرقان: حسدني يا رسول الله لشرفي، وقد علم أفضل مما قال. فقال عمرو: إنه لزمر المروءة، ضيّق العطن»
، أحمق الأب، لئيم الخال، فرئي الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لاختلاف قولي عمرو، فقال يا رسول الله: لقد صدقت في الأولى، وما كذبت في الثانية، رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أسوأ ما علمت. فقال عليه الصلاة والسلام «إن من البيان لسحرا [3] » ثم أسلم القوم فردّ النّبيّ عليه الصلاة والسلام عليهم أسراهم، وأحسن جائزتهم، وأقاموا مدّة يتعلمون فيها القران، ويتفقهون في الدّين.
سرية «4»
ثم بعث عليه الصلاة والسلام الوليد بن عقبة بن أبي معيط [5] لأخذ صدقات بني المصطلق، فلمّا علموا بقدومه خرج منهم عشرون رجلا متقلدين سلاحهم [1] اية 4- 5. وقد كان عمر وأبو بكر اختلفا في أمر الزبرقان وعمر وبن الأهتم فأشار أحدهما بتقديم الزبرقان فأشار الاخر بتقديم عمرو بن الأهتم حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله سورة الحجرات فكان عمر بعد ذلك إذا كلم النبي عليه السلام لا يكلمه إلّا كأخي السرار وقد تفرد به البخاري ومسلم.
(2) كناية عن ضيق الصدر. [3] رواه مالك وأحمد والبخاري وأبي داود والترمذي عن ابن عمر وأدخله مالك في باب ما يذم من القول من أجل أن السحر مذموم شرعا، وغيره يذهب إلى أنه مدح بالبيان واستمالة القلوب كالسحر.
(4) هي سرية الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق. [5] أخو عثمان بن عفان لأمه قتل أبوه بعد الفراغ من غزوة بدر، أسلم وأخوه عمارة يوم الفتح، وكان الوليد شجاعا شاعرا جوادا، ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة، وأقام بالرقة إلى أن مات في خلافة معاوية.
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 214