اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 159
عليه الصلاة والسلام، والذي بلّغه هو سلمة بن الأكوع [1] أحد رماة الأنصار، وكان عدّاء فأمره الرسول بأن يخرج في أثر القوم ليشغلهم بالنبل حتى يدركهم المسلمون، فخرج يشتدّ في أثرهم حتى لحقهم، وجعل يرميهم بالنبل، فإذا وجهت الخيل نحوه رجع هاربا، فلا يلحق، فإذا دخلت الخيل بعض المضايق علا الجبل، فرمى عليها الحجارة حتى ألقوا كثيرا مما بأيديهم من الرماح والأبراد [2] ليخففوا عن أنفسهم حتى لا يلحقهم الجيش [3] ولم يزل سلمة على ذلك حتى تلاحق به الجيش، فإن الرسول دعا أصحابه فأجابوه [4] وأول من انتهى إليه المقداد بن الأسود، فقال له: اخرج في طلب القوم حتى ألحقك، وأعطاه اللواء فخرج، وتبعته الفرسان حتى أدركوا أواخر العدو، فحصلت بينهم مناوشات، قتل فيها مسلم ومشركان، واستنقذ المسلمون غالب اللّقاح، وهرب أوائل القوم بالبقية، وطلب سلمة بن الأكوع من رسول الله أن يرسله مع جماعة في أثر القوم ليأخذهم على غرة وهم نازلون على أحد مياههم فقال له عليه الصلاة والسلام:
«ملكت فاسجح» [5] ثم رجع بعد خمس ليال.
سرية «6»
كان بنو أسد الذين مرّ ذكرهم كثيرا ما يؤذون من يمر بهم من المسلمين، فأرسل لهم عليه الصلاة والسلام عكّاشة بن محصن في أربعين راكبا ليغير عليهم، [1] المعروف بابن الأكوع، وأول مشاهده الحديبية، وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوا، وبايع النبي صلّى الله عليه وسلّم عند الشجرة على الموت، ونزل المدينة ثم تحول إلى الربذة بعد قتل عثمان وتزوج بها وولد له حتى كان قبل أن يموت بليال نزل إلى المدينة فمات بها، وكان ذلك سنة 74 هـ. [2] الأبراد جمع برد وهو الثوب المخطط فإنه استلب واحده في ذلك اليوم من العدو وهو راجل قبل أن تلحق به الخيل ثلاثين برده وثلاثين درقة وقتل منهم بالنبل كثيرا، فكلما هربوا أدركهم، وكلما راموه أفلت منهم. [3] ورد في حديث رواه الشيخان «فحملت أرميهم بنبلي، وكنت راميا، وأقول: أنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرضع، وارتجز حتى استنفدت اللقاح منهم، واستلبت ثلاثين برده» واللقاح الإبل الحوامل ذات الألبان. وقد رواه الإمام أحمد مطولا وفيه: ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها» . [4] ثم استجاب له عباد بن بشر وسعد بن زيد وأسيد بن ظهير (يشك فيه) وعكاشة بن محصن ومحرز بن نضلة وأبو قتادة الحارث بن ربعي وأبو عياش عبيد بن زيد بن صامت. [5] الأسجح: الحسن المعتدل وهو السهل وملكت فاسجح أي قدرت فسهل وأحسن العفو وهو مثل سائر.
(6) هي سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر.
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 159