اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 14
بطن من بطون قريش رئيس ثم تناجزوا [1] الحرب، فكان يوما من أشدّ أيام العرب هولا، ولمّا استحلّ فيه من حرمات مكة التي كانت مقدّسة عند العرب سمي يوم الفجار. وكادت الدائرة تدور على قيس حتى انهزم بعض قبائلها ولكن أدركهم من دعا المتحاربين للصلح [2] على أن يحصوا قتلى الفريقين، فمن وجد قتلاه أكثر أخذ دية الزائد، فكانت لقيس زيادة أخذوا ديتها من قريش، وتعهد بها حرب بن أمية، ورهن لسدادها ولده أبا سفيان. وهكذا انتهت هذه الحرب التي كثيرا ما تشبه حروب العرب تبدؤها صغيرات الأمور حتى ألّف الله بين قلوبهم وأزاح عنهم هذه الضلالات بانتشار نور الإسلام بينهم.
حلف الفضول «3»
وعند رجوع قريش من حرب الفجار تداعوا لحلف الفضول فتمّ في دار عبد الله بن جدعان التميمي [4] أحد رؤساء قريش، وكان المتحالفون بني هاشم، وبني المطلب ابني عبد مناف، وبني أسد بن عبد العزى، وبني زهرة بن كلاب، وبني تيم بن مرة تحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، حتى تردّ إليه مظلمته، وقد حضر هذا الحلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أعمامه، وقال بعد أن شرّفه الله بالرسالة: «لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النّعم [5] ولو دعيت به في الإسلام لأجبت [6] » وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام مبعوث بمكارم الأخلاق وهذا منها وقد أقرّ دين الإسلام كثيرا منها، يرشدك إلى هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق [7] » وقد دعا بهذا الحلف كثيرون فأنصفوا. [1] أي حضروا الحرب. [2] هو عتبة بن ربيعة أحد ساداتها.
(3) أي تحالفوا ألا يتركوا عند أحد فضلا بظلمه أحدا إلا أخذوه له منه. [4] يكنى أبا زهير. وهو ابن عم عائشة رضي الله عنها، وكان بدء أمره صعلوكا. وكان مع ذلك فاتكا حتى أبغضته عشيرته ونفاه أبوه، وحلف ألّا يؤويه أبدا لما أثقله من ديون، ثم أثرى بعد ذلك فأوسع في الكرم فصار أحد الأجواد المشهورين في الجاهلية. [5] الشيء النفيس من الحيوانات وهي الإبل. [6] ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ج 2 ص 291. [7] أورده مالك في الموطأ بلاغا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال ابن عبد البر هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره مرفوعا.
اسم الکتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : الخضري، محمد الجزء : 1 صفحة : 14