responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 425
كثيرة، فبعد أن كان الأنصار يريدون أن يولوا واحدًا منهم، اقترحوا أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير، ولو تم هذا الاقتراح لكان من الواجب أن يتولى الخلافة اثنان، إلا أن الثلاثة رفضوا هذا الرأي في كياسة ذاكرين للأنصار فضلهم، واقترحوا رأيًا جديدًا وسارعوا بأخذ الأصوات عليه -وهذا التعبير حديث بل الأصح أن نقول: سارعوا إلى أخذ البيعة عليه- وسارع الناس إلى مد أيديهم وإلى مبايعة أبي بكر، وكان هذا الحل كما أرجف بعض الناس حلًّا جاء عفوًا دون تدبير وأنه جاء فلتة، وكان من الممكن أن يفضي إلى فتنة إلا أن الله وقى شرها، ومهما تختلف المذاهب الإسلامية في أمر هذه البيعة وفي الحكم على الثلاثة الذين تداركوا الموقف، وفي الأنصار الذين أرادوا أن يستبدوا بالأمر؛ فإن السقيفة قررت أمر الخلافة تقريرًا نهائيًّا وأصبحت سابقة قابلة للتطبيق، وحرص الناس على أتباعها ولو من الوجهة الشكلية إلى أن زالت الخلافة.
وهذا الحل الذي سارع الناس إلى الرضاء به يدل على أنهم كانوا يسلمون ضمنًا بأن النظام الجديد واجب البقاء، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن مات فإنه خلف فيهم دينًا وكتابًا يسيرون على هديه، وأن من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فرضاء الناس يومئذ يعبر عن إرادة الاستمرار في ظل النظام الذي أنشأه النبي -صلى الله عليه وسلم.

الردة:
ولم يكد المسلمون ينتهون من هذه الأزمة حتى واجهوا أزمة أخرى أشد؛ فالأولى لم تكن تتطلب إلا شيئًا من الكياسة وحسن الرأي والوقوف على الحل الصحيح، أما الثانية وهي الردة فإنها كانت تتطلب إعداد الجيوش وتعبئة قوة المدينة الحربية والمعنوية، وفي أثناء هذه الأزمة ظهرت بطولة أبي بكر حتى كان ابنه محمد يقول مفاخرًا فيما بعد بأنه ابن فاقئ الردة وحتى قال بعض الناس: إنه لم ير أحدًا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أملأ بالحرب من أبي بكر، والسبب المباشر في هذه الأزمة هو موت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد سبق إلى ظن الناس أنه لن يقوم مقامه أحد، وأن الفراغ الذي تركه أكبر من أن يسد، وأن النظام الجديد لا يمكن أن يدوم بعده، وأن الخطوة الجبارة التي خطاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالعرب خطوةٌ كانت تحتاج إلى دوام صاحبها، ولهذا سارع العرب برغم إعجابها بالروح القومي الذي بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقلدت القبائل بعضها بعضًا، وانتشر الارتداد في كل مكان حتى لم تبق قبيلة إلا وفيها جماعة كبيرة مرتدة، وغالت بعض القبائل فأرادت أن يكون لها ما لقريش بمعنى أن يكون منها نبي كما كان من قريش نبي، وأن تجتمع إلى زعامتها كما اجتمعت إلى قريش، ولم يثبت على النظام الجديد إلا مثلث: المدينة

اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 425
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست