responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 40
طبقة الأرقاء:
كان في المجتمع العربي طبقة كبيرة من الأرقاء، وكانت كل قبيلة لا تخلو من أفراد من الرقيق من الرجال والنساء، البيض والسود على السواء. والمصدر الأصلي للرقيق هو الحرب، فالقبيلة التي تنتصر على الأخرى تأخذ الأسرى وتستعبدهم، وإلى جانب الحرب وجد الاتجار بالرقيق، وكان هذا النوع من الاتجار شائعًا، فكان العرب يأتون من شواطئ أفريقيا ويبيعونهم في أسواق العرب بالمال، وإذا لاحظنا أنهم يؤخذون بالعنف، تبينا أن الحرب والغزو والقوة هي السبب الأول، كما كانت القبائل المنتصرة تتصرف في بعض الأحيان في أسراها بالبيع[1]. وقد يغيرون على القوافل المسافرة إلى العراق أو إلى الشام ويتغلبون عليها ويأسرون من فيها ويسترقونهم، وكان هذا هو أصل رق سلمان الفارسي إذ خرج من العراق إلى الشام فاسترق وبيع لبعض يهود المدينة[2] وقد ألحقت القبائل بعض أبنائها بهؤلاء الأرقاء؛ فإن مقياس الشرف عند العربي ألا يجري في عروقه دم أجنبي، وأن يكون من أب عربي وأم عربية، ومن كان هنا حرصه على أن يحفظ لسلالته نقاء الدم وصفته وامتيازه، وفي سبيل هذا الحرص كان يرفض الاعتراف بأبنائه أو إلحاقهم بنسبه إذا جاءوا ثمرة لصلة غير متكافئة بينه وبين إمائه، ومن أجل ذلك أطلق المجتمع الجاهلي على أبناء الإماء من العرب الصرحاء اسم "الهجناء"، وكان أسوأ أبناء الإماء حظًّا في الحياة أبناء الإماء السود الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم وأطلق عليهم العرب اسم "الأغربة"[3].
وكانت طبقة العبيد من بيض وسود، ومن تجري في عروقهم شائبة من دمائهم من الهجناء والأغربة، في وضع اجتماعي سيئ، فقد سلبتهم الأرستقراطية العربية، المؤمنة إيمانًا عميقًا برابطة الدم، كل ما يمكن أن يكون لهم من حقوق، وفرضت عليهم من الواجبات ما أرهق كواهلهم وأهدر إنسانيتهم، وباعدت بينهم وبين الحياة الإنسانية الكريمة. وضيقت عليهم النطاق في حياة مهينة ذليلة على هامش المجتمع.

[1] ابن هشام 3/ 234.
[2] أنساب الأشراف 1/486- 487.
[3] ديوان الحماسة 1/ 158 حاشية.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست