اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 377
يسألونه بأرحامهم إلا آواهم، فلا حاجة لهم به، ففعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقدموا عليه المدينة، وهكذا جر هذا الشرط وبالًا على قريش فقد تكونت ضدها عصابة خطيرة خرجت عن التبعية لها، وكذلك لم تدخل في تبعية المدينة فلم تكن تُسْأل عنها ولا عن أعمالها، فألحقت بقريش ضررًا فادحًا دعاهم إلى أن يرجوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يئوي هذه الجماعة وأن يقبل إلغاء هذا الشرط[1].
وهكذا أثبتت الحديبية بُعد نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلامة تقديره، وكانت آية من آيات السياسة الحكيمة والدبلوماسية الفذة، حتى اعتبرت فتحًا مبينًا فاق في كل نتائجه أعظم الفتوح الحربية؛ فإنه لم يفتح البلاد وحدها وإنما فتح العقول والقلوب للدين الجديد ومهد للفتح الأعظم بعد ذلك بسنتين، وهو فتح مكة فتحًا سلميًّا، وانضمامها إلى الدولة الإسلامية، وما أعقب ذلك من توحيد العرب، ودخول الناس في دين الله أفواجًا. [1] ابن هشام 3/ 373. إمتاع 3/ 304، 305.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 377