اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 36
[3]- طبقة الأرقاء: وهم المجلوبون عن طريق الشراء، أو أسرى الحروب.
ولكل من هذه الطبقات منزلته في السلم الاجتماعي، فنحن أمام مجتمع طبقي تفصل بين طبقاته حدود واضحة.
طبقة الأحرار الصرحاء:
وهي الطبقة التي يعتبر أفرادها بنية القبيلة: فهم أبناؤها الذين يجمعهم نسب واحد ودم مشترك لم تلحقه هجنة. وكانت هذه الطبقة تتمتع بحقوق مدنية كثيرة، يقابلها كثير من الواجبات، نظمها القانون العرفي على أساس من التضامن التام بين الفرد والجماعة، فالحر يتمتع بحماية القبيلة حيًّا وميتًا، فهي المسئولة عن أي جريرة يرتكبها أحد أبنائها، وعليها واجب الانتصار له مظلومًا، والوقوف إلى جانبه ظالمًا، وكان يكفي أن يستغيث فإذا السيوف مصلتة والرماح مشرعة، وإذا الدماء تتصبب لأقل الأسباب:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... للنائبات على ما قال برهانَا1
وهكذا تسبغ القبيلة حمايتها كاملة عليه حيًّا، أما حمايته ميتًا، فإنها تأخذ بثأره إذا قتل ولا تترك دمه يطل[2]: كما أن للحر أن يتصرف في بعض شئون القبيلة، وتقر القبيلة هذا التصرف، وكان أهم حق له في هذه الناحية هو حق الإجارة، وهو أبرز حقوق المواطنة في القبيلة العربية وأخطرها، إذ إنه يدخل في القبيلة أفرادًا ليسوا منها فيلحقهم بها ويحملها تبعاتهم، فكل حر في القبيلة أجار رجلًا آخر من قبيلة أخرى أو من قبيلته، يتعين على القبيلة أن تقر ذلك: ولو كان المجير صغيرًا أو كان امرأة ما دام من صميمها[3]. ويصبح لهذا الجار ما لأفراد القبيلة من حقوق، كما أن عليه ما عليهم من واجبات، وكانت حماية هذا الجار فرضًا على القبيلة كلها، تدافع عنه وتقاتل طلبًا لثأره كما تقاتل طلبًا لثأر الصريح منها، وكان يبلغ بها الأمر أن تُقيد من القاتل حتى وإن كان من صرحائها[4]، أو تأخذ منه الدية[5]، على أن الناس كانوا يعرفون
1 ديوان الحماسة 1/ 5. [2] نفسه 1/ 342. [3] ابن هشام 2/ 23- 24. العقد الفريد 5/ 172. [4] الأغاني: 3/ 49- 60. [5] البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 73- 74.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 36