اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 319
الله -عز وجل- وإلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره. وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها، وإن بينهم النصر على من دهم يثرب[1]، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين: على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم، وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل هذه الصحيفة، وإن البر دون الإثم: لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم. وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة إلا لمن ظلم وأثم، وإن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"2
هذا هو نص الصحيفة كما ذكره ابن إسحاق. وأول ما نلاحظه هنا أن ابن إسحاق انفرد بهذا النص ولم يذكر إسناده في روايته، كذلك لم يشر إلى المصدر الذي أخذه عنه فلم يذكر أنه وجده مكتوبًا أو أخذه من أحد كتبه، وإن يكن من غير المستبعد أن يكون أخذه من بعض من سبقوه ممن كتبوا في السيرة ولم تصل إلينا كتاباتهم[3]. على أن هذا لا يقلل من قيمة هذه الوثيقة التاريخية المهمة ولا يطعن في صحتها؛ وذلك لأن المصادر الأخرى أشارت إليها وإن لم تذكر نصها[4]، وقد ذكرتها المصادر المتأخرة[5]؛ ولأن أسلوب هذه الصحيفة يوافق تمامًا أسلوب العصر، كما يوافق روح التنظيم في المجتمع العربي من حيث الترابط القبلي والاعتراف بقوة العصبية وأثرها في المجتمع، وأنه ليس من السهل التخلص منها.
وقد بدا واضحًا في الصحيفة أن البطون والعشائر أدخلت في النظام الجديد بشخصياتها القبلية لا بأفرادها، وهذا ما كان يجري عليه المجتمع العربي في تكوينه في [1] دهم يثرب: فاجأها.
2 ابن هشام [2]/ 119- 123. [3] انظر مقدمة سيرة ابن هشام، بقلم محمد محيي الدين عبد الحميد [1]/ 15- 17. [4] للواقدي 138، ابن سعد [3]/ 68، الطبري [2]/ 172، إمتاع [1]/ 49. [5] ابن كثير [3]/ 224، 225، ابن سيد الناس [1]/ 197.
الله -عز وجل- وإلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره. وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها، وإن بينهم النصر على من دهم يثرب[1]، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين: على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم، وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل هذه الصحيفة، وإن البر دون الإثم: لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم. وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة إلا لمن ظلم وأثم، وإن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"2
هذا هو نص الصحيفة كما ذكره ابن إسحاق. وأول ما نلاحظه هنا أن ابن إسحاق انفرد بهذا النص ولم يذكر إسناده في روايته، كذلك لم يشر إلى المصدر الذي أخذه عنه فلم يذكر أنه وجده مكتوبًا أو أخذه من أحد كتبه، وإن يكن من غير المستبعد أن يكون أخذه من بعض من سبقوه ممن كتبوا في السيرة ولم تصل إلينا كتاباتهم[3]. على أن هذا لا يقلل من قيمة هذه الوثيقة التاريخية المهمة ولا يطعن في صحتها؛ وذلك لأن المصادر الأخرى أشارت إليها وإن لم تذكر نصها[4]، وقد ذكرتها المصادر المتأخرة[5]؛ ولأن أسلوب هذه الصحيفة يوافق تمامًا أسلوب العصر، كما يوافق روح التنظيم في المجتمع العربي من حيث الترابط القبلي والاعتراف بقوة العصبية وأثرها في المجتمع، وأنه ليس من السهل التخلص منها.
وقد بدا واضحًا في الصحيفة أن البطون والعشائر أدخلت في النظام الجديد بشخصياتها القبلية لا بأفرادها، وهذا ما كان يجري عليه المجتمع العربي في تكوينه في [1] دهم يثرب: فاجأها. [2] ابن هشام 2/ 119- 123. [3] انظر مقدمة سيرة ابن هشام، بقلم محمد محيي الدين عبد الحميد 1/ 15- 17. [4] للواقدي 138، ابن سعد 3/ 68، الطبري 2/ 172، إمتاع 1/ 49. [5] ابن كثير 3/ 224، 225، ابن سيد الناس 1/ 197.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 319