اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 261
إلى تهدم السد وحده؛ وإنما يرجع إلى عوامل أخرى، كما أن قبول القول بهجرة قبائل الأزد جميعًا دفعة واحدة غير ممكن، إذ إن خزاعة وهي بطن من الأزد كانت تحكم مكة إلى سنة 450م، وقد استمرت مدة طويلة تلي أمر مكة حددها بعضهم بخمسمائة سنة وحددها بعضهم بثلاثمائة سنة[1].
ومعنى ذلك أنها هاجرت حوالي منتصف القرن الثاني أو بداية القرن الثالث [2].
وإذن فإن هجرة القبائل الأزدية كانت متفرقة وأنها كانت لعوامل متعددة؛ منها اضطراب أحوال اليمن نتيجة للتنازع السياسي بين الأقيال، وإلحاح الأحباش عليها بالغزو منذ القرن الثالث، وإهمال أمر الإرواء مما نتج عنه تصدع السد مرات متكررة مما سبب العسر الاقتصادي لإهمال الزراعة، فأخذت القبائل تهاجر كلما ضاق بها الحال، وكانت الأوس والخزرج ضمن هذه القبائل المهاجرة وكانت هجرتها متأخرة عن غيرها من بطون الأزد، وعلى هذا فالأوس والخزرج أحدث عهدًا بالمدينة من اليهود. ويقول صاحب الأغاني: إن الأوس والخزرج توجهوا بعد هجرتهم إلى المدينة، وحين وردوها نزلوا في حرار، ثم تفرقوا وكان منهم من لجأ إلى عفاء من الأرض لا ساكن فيه، ومنهم من لجأ إلى قرية من قراها، فكانوا من أهلها، فأقامت الأوس والخزرج في منازلهم التي نزلوها بالمدينة في جهد وضيق في المعاش ليسوا بأصحاب نخل وزرع، وليس للرجل منهم إلا الأعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من أرض موات. والأموال لليهود، فلبثوا بذلك حينًا [3].
ثم تطورت العلاقات بينهم وبين اليهود من الجوار إلى الحلف إلى الصراع. [1] ابن كثير 2/ 183. [2] يحدد سديو استيلاء خزاعة على مكة سنة 207م. [3] الأغاني 19/ 96 "طبعة مصر".
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 261