اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 25
يثرب:
وتقع على بعد ثلاثمائة ميل إلى الشمال من مكة، كما تبعد ينبع عن مينائها على البحر الأحمر مائة وثلاثين ميلًا[1]. وهي في أرض بركانية بين حرتين، وقد اشتهرت بالخصب والنماء، وفي شمالها جبل أحد. ومن أوديتها وادي العقيق الذي تصب فيه مياه عذبة، كما أن المزارع تحيط بها من جميع الجهات ماعدا الجهة الغربية[2] والمسافر يجد فيها كما يجد المقيم حاجته من زاد وأمن.
ونحن لا نستطيع تحديد أولية هذه المدن فهي من أقدم العصور، ولا شك أن التجارة كان لها شأن كبير في إقامة هذه المدن وظهورها، وخاصة مكة التي تعتمد اعتمادًا كليًّا في حياتها على ما يجلب لها من الخارج لعدم وجود الزراعة بها، فموقع الحجاز بين الشام واليمن، وكونه ممرًّا واستراحة للقوافل، ساعد على أن تقوم به هذه المدن التجارية. وفي أجزاء كثيرة من العالم، في أوربا وأفريقيا وآسيا عرف التاريخ مدنًا قامت للتجارة، وكانت كل مدينة من هذه المدن ذات نظام سياسي مستقل، عرف في التاريخ باسم الدول المدينية.
وأظهر مثل لهذه الدولة المدينية، المدن اليونانية في التاريخ القديم، والمدن الإيطالية في العصور الوسطى مثل: جنوه، والبندقية، وفلورنسة.
وكانت مكة والمدينة -يثرب- من هذا النوع من المدن. وكانت مكة لموقعها المتوسط بين الشام واليمن[3]، وعلى طريق التجارة، مركزًا هامًّا جدًّا، بل إنها في القرن السادس الميلادي كانت أهم المراكز التجارية في شبه جزيرة العرب[4]، وأما المدينة -يثرب- فلا بد من أنها كانت منافسة لمكة لوقوعها على نفس الطريق، غير أن وحدة السكان في مكة ووجود البيت الحرام بها، جعلها أقدر من يثرب على التفوق التجاري والثقافي وأظهر في التنظيم الإداري -كما سوف نبين فيما بعد- وإن كانت [1] البلدان: 17/ 82- 88. الإصطخري: 23. وهبة: 16. ,Twitchsll op. cit, p.12 [2] البتنوني: الرحلة الحجازية: 161. [3] البلدان: 18/ 187. [4] Husayyin, op. cit. p. 142- 143
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 25