responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 199
استعداد العرب للنقلة
مدخل
...
الفصل الثامن: استعداد العرب للنقلة
في نهاية القرن السادس الميلادي كانت مكة تتمتع بمركز رياسي في جزيرة العرب لا شك فيه، فقد كانت هي البلد العربي الوحيد الذي حظي بنوع من الاستقرار والتنظيم، والذي كان يتمتع باستقلاله فلم يخضع لحاكم أجنبي قط، في الوقت الذي كانت الممالك العربية الأخرى قد تدهورت ووقعت تحت الاحتلال أو النفوذ الأجنبي؛ فاليمن فقدت استقلالها منذ نهاية الربع الأول من القرن السادس وسقطت تحت حكم الأحباش ثم حكم الفرس[1]، وعمها الاضطراب الداخلي، وبذلك فقدت منزلتها، كما فقدت قدرتها على التحكم في التجارة بين الشرق والغرب التي كانت في أيديها منذ آماد بعيدة. وكذلك كانت مملكة الحيرة قد فقدت استقلالها بعد أن غيرت فارس سياستها نحوها بعد أن استنفدت كل طاقتها الحيوية، وجعلت منها إمارة فارسية يحكمها أمير فارسي[2]. ومملكة الغسانسة؛ فقدت قوتها كذلك بعد أن غير الروم سياستهم نحوها فاضطربت أحوالها وذهبت وأصبحت في شبه فوضى[3].
وقد وافق هذا الوقت بدء نهضة عربية بين قبائل الشمال التي بدأت تتحرر من نفوذ الجنوب، وبدأت تأخذ بيدها أمام حركة التحرر الجديدة التي بدت تباشيرها بالشعور بالذات والإحساس بالقومية العربية التي عبرت عن نفسها في نهاية القرن السادس حين اشتبك العرب مع الفرس في معركة ذي قار وانتصروا عليهم، وحين تمرد الغساسنة على طغيان الروم، وثار اليمنيون على سلطان الأحباش.
وإذا كان العرب قد تمردوا على السيادة الأجنبية؛ فإنهم قد تطلعوا إلى منطقة عربية مستقلة تتولى زعامة هذه النهضة العربية وتقودها. ولم تكن هذه المنطقة سوى مكة التي كانت تتمتع باستقلالها والتي فشل الغزو الأجنبي أمام أبوابها؛ حين وجهت الحبشة إليها حملتها في سنة 570م. وكانت مكة هي البيئة العربية الخالصة التي

[1] الحميمي: سيرة الحبشة ص24. ابن الأثير 1/ 253- 254، 265.
[2] جواد علي 4/ 104. سديو: تاريخ العرب العام ص43.
[3] جواد علي 4/ 140. سديو: 44- 45.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست