responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 152
الكعبة أو تحتها, وزيارة الكعبة نوعان: زيارة عمرة، وزيارة حج. وقد كانت هاتان الزيارتان رسميتين قبل البعثة. وللحج موسمه المعروف أما العمرة فهي زيارة الكعبة في غير موسم الحج, وكانوا في الجاهلية لا يجمعون بينهما، ويرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور[1]، حتى جاء الإسلام فجوز الجمع بين الحج والعمرة[2]. ولعل قريشًا هي التي سنت منع الجمع بين الحج والعمرة؛ حتى تكثر الزيارة للكعبة فتجني من وراء ذلك فوائد مادية. على أن زيارة الكعبة كانت عملًا واجبًا على كل من يقدم مكة سواء في وقت الحج أو في غير وقته.
والطواف في الإسلام هو سبعة أشواط على مدار بناء الكعبة، ويبدأ كل شوط من الركن الذي فيه الحجر الأسود، والطائف يستقبل هذا الركن ويستلم الحجر أو يقبله أو يشير إليه[3].. وليس للحجر الأسود واستلامه أو تقبيله, أو للأشواط السبعة ذكر في القرآن، ولكن ذلك ثابت بالسنة المتواترة التي لم تنقطع. ومن المؤكد أن هذه المراسم قد انتقلت إلى الإسلام على حالها التي كانت عليها من قبل.
والحجر الأسود كان مقدسًا قبل البعثة, فأبقيت له في الإسلام حرمته وأبقيت عادة استلامه وتقبيله والبدء بأشواط الطواف من الركن الذي هو فيه. وهو حجر صواني لامع أسود، ويتحدث العرب أنه أنزل من السماء هدية للكعبة. وقد أبقى الإسلام لهذا الحجر حرمته كما أبقى على تقاليد الحج -كما هي في الجاهلية- وذلك لشدة رسوخها واستحالة التخلص منها، وحتى لا تصدم مقدسات العرب فيكون ذلك عقبة في سبيل الدعوة الإسلامية، ثم حولت هذه المراسم إلى غرض أسمى وهو عبادة الله وتعظيمه بزيارة بيته الحرام، كما حول الحج إلى اجتماع إسلامي عام يعقد في كل عام؛ لتبادل الأفكار والمنافع والإحساس بالترابط العام بين المسلمين. والحقيقة أن الكعبة والحج إليها هي البقية الباقية من عبادة الله في الحجاز على الحنيفية دين إبراهيم، فالعرب كانوا يرون الكعبة بيتًا لله ويرون الحج عبادة لله لا تقربًا للأصنام؛ وإنما وضعت الأصنام في الكعبة تكريمًا للأصنام بوضعها في بيت الله الحرام لا تكريمًا للبيت بوضع الأصنام فيه.

[1] البخاري 2/ 143.
[2] انظر البقرة 196.
[3] البخاري 2/ 149- 152.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست