اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 146
وثنه وتختلف الطقوس والشعائر. ولكن لم تختلف شعائر البيت كما يتولاها سادنته المقيمون إلى جواره المتكلفون بخدمته، فكانت قداسة البيت هي القداسة التي لا خلاف عليها من أهل مكة وأهل البادية، وجاز عندهم أن يحكموا بالضلال على أتباع صنم معلوم، ولكنهم يعطون البيت حقه من الرعاية والتقدير[1]. وعلى هذا كان يتفق في موسم الحج أن يجتمع حول البيت أناس من العرب يأخذون بأشتات متفرقة من المجوسية واليهودية والمسيحية وعبادات الأمم المختلفة، وما من كلمة من كلمات الفرائض لم تعرف عند عرب الجاهلية بلفظها وجملة معناها، كالصلاة والصيام والزكاة والطهارة، ومناطها كلها أنها حسنة عند رب البيت أو عند الله. وجاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن الصامت أن أبا ذر الغفاري قال له: يا ابن أخي، صليت مرتين قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله: فأين كنت توجه؟ قال: حيث وجهني الله، وجاء في البخاري أنهم كانوا يصومون يوم عاشوراء[2]، وكان صيامهم من الفجر إلى المغرب الشمس. وكانت لهم بقايا من العبادات التي عرفت بين أهل الكتاب، أو لم تكن معروفة على وتيرة واحدة بين أتباع دين من الأديان، وإنما يرغبهم فيها أنها أعمال ترضي الإله وأنهم يعرفون إلهًا أعظم من سائر الآلهة يتوجهون إليه بالدعاء، وهم حقيقة لا يعتورها الشك؛ لأنهم كانوا يسمون عبد الله ويلبون فيقولون: لبيك اللهم لبيك، ولا يدعون أحدًا من الأصنام رب البيت، فإذا قالوا: رب البيت أرادوا به ربًّا فوق كل الأرباب، وهذه الحقيقة هي التي كتبت لبيت مكة التفوق على البيوت كلها في الجزيرة العربية فإنها بيوت أصنام، وكان بيت مكة بيتًا لله الذي يرى فيه العرب الإله الخالق المبدع، وإنما عبادة الأصنام تقربهم إلى الله زلفى[3].
وقد عملت قريش على الاستفادة من مكانة البيت الحرام في نفوس العرب، فاستغلت قيامها على أمر البيت لتقوي مركزها الأدبي لدى القبائل العربية، ولتنشيط [1] البتنوني 152- 156 "ورغمًا عن شيوع عبادة الأوثان في سواد قبائل العرب فإنه لم يرد عنهم أنهم عبدوا هيكل الكعبة، كما لم يسمع عنهم أنهم عبدوا الحجر الأسود مع احترامهم له ذلك الاحترام الذي لا يمكن تصويره". [2] البخاري [2]/ 148. [3] انظر سورة الزمر [3]. يونس 18.
وثنه وتختلف الطقوس والشعائر. ولكن لم تختلف شعائر البيت كما يتولاها سادنته المقيمون إلى جواره المتكلفون بخدمته، فكانت قداسة البيت هي القداسة التي لا خلاف عليها من أهل مكة وأهل البادية، وجاز عندهم أن يحكموا بالضلال على أتباع صنم معلوم، ولكنهم يعطون البيت حقه من الرعاية والتقدير[1]. وعلى هذا كان يتفق في موسم الحج أن يجتمع حول البيت أناس من العرب يأخذون بأشتات متفرقة من المجوسية واليهودية والمسيحية وعبادات الأمم المختلفة، وما من كلمة من كلمات الفرائض لم تعرف عند عرب الجاهلية بلفظها وجملة معناها، كالصلاة والصيام والزكاة والطهارة، ومناطها كلها أنها حسنة عند رب البيت أو عند الله. وجاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن الصامت أن أبا ذر الغفاري قال له: يا ابن أخي، صليت مرتين قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله: فأين كنت توجه؟ قال: حيث وجهني الله، وجاء في البخاري أنهم كانوا يصومون يوم عاشوراء[2]، وكان صيامهم من الفجر إلى المغرب الشمس. وكانت لهم بقايا من العبادات التي عرفت بين أهل الكتاب، أو لم تكن معروفة على وتيرة واحدة بين أتباع دين من الأديان، وإنما يرغبهم فيها أنها أعمال ترضي الإله وأنهم يعرفون إلهًا أعظم من سائر الآلهة يتوجهون إليه بالدعاء، وهم حقيقة لا يعتورها الشك؛ لأنهم كانوا يسمون عبد الله ويلبون فيقولون: لبيك اللهم لبيك، ولا يدعون أحدًا من الأصنام رب البيت، فإذا قالوا: رب البيت أرادوا به ربًّا فوق كل الأرباب، وهذه الحقيقة هي التي كتبت لبيت مكة التفوق على البيوت كلها في الجزيرة العربية فإنها بيوت أصنام، وكان بيت مكة بيتًا لله الذي يرى فيه العرب الإله الخالق المبدع، وإنما عبادة الأصنام تقربهم إلى الله زلفى[3].
وقد عملت قريش على الاستفادة من مكانة البيت الحرام في نفوس العرب، فاستغلت قيامها على أمر البيت لتقوي مركزها الأدبي لدى القبائل العربية، ولتنشيط [1] البتنوني 152- 156 "ورغمًا عن شيوع عبادة الأوثان في سواد قبائل العرب فإنه لم يرد عنهم أنهم عبدوا هيكل الكعبة، كما لم يسمع عنهم أنهم عبدوا الحجر الأسود مع احترامهم له ذلك الاحترام الذي لا يمكن تصويره". [2] البخاري 2/ 148. [3] انظر سورة الزمر 3. يونس 18.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 146