اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 141
وكانوا يحصلون عليها ضرائب باهظة، ولم يسمحوا بوصولها إلى يد الروم إلا بأثمان غالية جدًّا, وكان احتكار الفرس للتجارة الشرقية ومغالاتهم في قيمة الضرائب ورفع الأسعار من الأسباب التي روجت تجارة مكة وقوت مركزها لدى البيزنطيين، كما أن تجارة الفرس مع الجزيرة العربية كانت بيد الحيرة، التي كانت تتسلمها ثم تجيزها إلى أسواق العرب نظير جعل تدفعه لرؤساء القبائل لحماية هذه التجارة. كما أن ملوك اللخميين كانوا يرسلون متاجرهم إلى أسواق مكة كل عام في حماية بعض رؤساء القبائل العربية[1]. الأمر الذي جعل تجارة قريش قليلة مع هذه الجهات، ومع ذلك فقد كانت قوافل قريش تتصل بالحيرة. ويقال: إن قريشًا تعلمت الكتابة من الحيرة[2].
وقد ازداد نشاط التجارة القرشية نحو هذه البلاد بعد أن تضعضع ملوك الحيرة، وكثرت اعتداءات القبائل على تجارة الفرس المارة عن طريقهم، وعلى تجارة المناذرة أنفسهم، ثم ما تلا ذلك من سقوط سلطان الحيرة بعد مقتل النعمان بن المنذر وهزيمة الفرس أمام العرب في معركة ذي قار[3]، وقد حاولت قريش أن تحول نشاطها التجاري ناحية العراق بعد أن توقفت تجارتها نحو الشمال بعد موقعة بدر سنة [2]هـ. فأرسلت قافلة بلغ ثمن ما بها من بضاعة مائة ألف [4]. ولكن المسلمين تصدوا لها واستولوا على القافلة، فلم تستطع قريش أن تفلت من الحصار الذي ضربه عليها المسلمون من الشمال والشرق. [1] ابن الأثير 1/ 359- 360. النويري نهاية الأرب 15/ 425. فجر الإسلام 14. [2] ابن هشام 1/ 190. هامش الروض. الآلوسي 1/ 350: المصعب الزبيري: نسب قريش ص 136. [3] ابن الأثير 1/ 291. النويري 15/ 433. [4] ابن هشام 2/ 420- 530. ابن كثير 4/ 5.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 141