اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 120
عبد المطلب لم يفارق الكعبة حين تفرقت قريش في شعاب مكة وجبالها خوف الغزاة، بل أخذ يستعد لمقاومة الغزو بمن أطاعه من قومه، وهو مع ذلك يدعو ربه ليرد كيد المغير عن بيته الحرام[1]. ولما تفشى المرض في جيش أبرهة وارتد عن مكة؛ علت مكانة عبد المطلب الأدبية والدينية بين قومه، حتى كانت قريش تقول: عبد المطلب إبراهيم الثاني [2]، كما علت منزلة قريش كلها بين القبائل العربية وقال العرب عنهم: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مئونة عدوهم[3], وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الحادث: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل] .
وكانت لعبد المطلب وفادات على الجنوب، فكان ينزل على عظماء اليمن، وقد وفد على سيف بن ذي يزن مع وفد مكة لتهنئته بعد انتصاره على الأحباش، ففضله على من معه وآثره[4].
وأبرز شخصية من رجال الملأ ظهرت بعد عبد المطلب بن هاشم هو أبو سفيان بن حرب بن أمية, ولم يكن لبني أمية من مناصب مكة إلا منصب واحد هو العقاب وهو راية قريش، ولا يمكن تحديد الوقت والمناسبة التي أسندت إليها فيه هذه الوظيفة ولكن يبدو أنها أسندت إلى بني أمية في فترة متأخرة, ومن الراجح أن يكون ذلك بُعَيد ظهور الإسلام في مكة. ولم يكن أبو سفيان من رجال قريش المشهورين بالجود والكرم، إنما كان يغلب على طبيعته الشح[5]، وكل ما اشتهر به أنه كان تاجرًا قاد بعض قوافل قريش التجارية نحو الجنوب والشرق والشمال[6]. وقد تعرضت إحدى [1] نفسه 1/ 51. اليعقوبي 2/ 7. الطبري 1/ 551- 557. [2] اليعقوبي 2/ 7. [3] ابن هشام 1/ 59. [4] اليعقوبي 2/ 8. ابن سعد 1/ 67. [5] البخاري 3/ 79. أسد الغابة 5/ 562. [6] نفسه 1/ 4، 5، 4/ 36, 45. ابن الأثير 2/ 318- 319, الآلوسي 1/ 320.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 120