اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 114
طالب ومعاوية بن أبي سفيان وما تلاها من صراع بين البيتين إلى هاتين الحادثتين[1]، ثم سار على ذلك من تناولوا هذا الموضوع من المؤرخين والكتاب المحدثين2 ونحن لا نستطيع مجاراة هؤلاء المؤرخين ونرفض القصتين من أساسهما. وأول ما يطالعنا في هذا الشأن أن ابن إسحاق -وهو أقدم من تناول السيرة- لم يذكر شيئًا عن هاتين القصتين، بل لم يشر إلى أي نزاع وقع بين بني هاشم وبني أمية قبل الإسلام، وكذلك لم يشر إليهما أحد من كتاب السيرة المحققين، من أمثال ابن كثير وابن سيد الناس؛ بل إن ابن إسحاق يثبت الترابط بين بني عبد مناف في مواضع كثيرة، فهو حين يتحدث عن إعادة حفر زمزم على يد عبد المطلب بن هاشم يقول: إن بني عبد مناف افتخرت بها على قريش كلها وعلى سائر العرب، ويروي قصيدة لمسافر بن عمرو بن أمية بن عبد شمس وهو يفخر على قريش بما ولوا عليهم من السقاية والرفادة وما أقاموا للناس من ذلك, وبزمزم حين ظهرت لهم، وقد كانت هذه المناصب كلها في يد عبد المطلب بن هاشم، ويعلق ابن إسحاق على ذلك بقوله: وإنما كان بنو عبد مناف أهل بيت واحد, شرف بعضهم لبعض شرف، وفضل بعضهم لبعض فضل.3
وحين خاصمت قريش عبد المطلب على بئر زمزم وخرجوا ليحاكموه لدى كاهن بني سعد هزيم بأشراف الشام ركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف[4] ثم إن عبد شمس بن عبد مناف كان صاحب أمر بني عبد مناف في خصومتهم ضد بني عبد الدار, وقد قبل عبد شمس أن توكل السقاية والرفادة إلى أخيه هاشم؛ لأن عبد شمس كان رجلًا سفارًا قلما يقيم بمكة، وكان مقلًّا ذا ولد[5]. ويستمر الترابط بين البيتين وتقوم الصداقات بين أفرادهما؛ فقد كان العباس صديقًا حميمًا لأبي سفيان بن حرب، وقد ظل صديقًا له حتى بعد ظهور الإسلام، بالرغم مما قامت به قريش [1] المقريزي: النزاع والتخاصم ص 2- 17.
2بودلي. محمد الرسول 143. العقاد. معاوية في الميزان. ص 31. وما بعدها, أبو الشهداء ص24 وما بعدها. مطلع النور ص 162 وما بعدها. الخربوطلي: المختار الثقفي ص 164- 165. إبراهيم الإبياري: معاوية ص9 وما بعدها.
3 ابن هشام 1/ 162. [4] نفسه 1/ 55. [5] نفسه 1/ 147.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 114