الصفا والمروة، فلمّا جاء الإسلام، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [1].
وفي لفظ عند البخاري من طريق الزهري عن عروة، قالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية[2] التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: وقد سن[3] رسول الله- صلى الله عليه وسلم-الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
ثم أخبرت[4] أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس – إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة – كانوا يطوفون بالصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله، كنا نطوف بالصفا والمروة، وأنّ الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوّف بالصفا والمروة؟ [1] البخاري: الصحيح 3/6 كتاب العمرة (باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج) . ومالك: (الموطأ 1/373) كتاب الحج (باب جامع السعي) . وأبو داود: (السنن 1/438- 439) ، كتاب المناسك (باب أمر الصفا والمروة) . [2] الطاغية: صفة إسلامية (لمناة) . (ابن حجر: فتح الباري 3/499) . [3] قول عائشة: "وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بين الصفا والمروة ... الخ": أي فرضه بالسنة وليس مرادها نفي فرضيتها، ويؤيده قولها "لم يتم الله حج أحدكم ولا عمرته ما لم يطف بينهما". (ابن حجر: فتح الباري 3/501) وانظر ص70 تعليقة (3) . [4] القائل (ثم أخبرت) : هو الزهري راوي هذا الحديث كما هو مصرح به عند مسلم. انظر ص69.