رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ورسوله[1] يصدقانكم ويعذرانكم" [2].
والحديث فيه قتادة من صغار التابعين ولم يصرح بمن حدثه [3].
وروى البيهقي نحوه من مرسل عروة بن الزبير وموسى بن عقبة[4].
وهذه الآثار يشد بعضها بعضا، وتؤيدها الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المبحث وقد تقدمت.
وهي تدل على أن الأنصار وجدوا في أنفسهم حيث اختص بالغنائم غيرهم ولم ينلهم منها شيء، حتى حصل منهم ما حصل وتكلم منهم من تكلم، وكان ذلك قبل أن تظهر لهم وجه الحكمة في توزيع الغنائم على سائر القبائل دونهم، ولما تبين لهم الأمر واتضح الحال، وعرفوا الهدف الذي قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم، طابت نفوسهم واغتبطوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوا به قسما وحظا وعلموا يقينا أن الذي حظوا به لا يوازيه ولا يدانيه شيء، وما الدنيا وحطامها أمام رضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وتمنيه أن يكون واحدا منهم ووجوده بين أظهرهم حيا وميتا، إنه لشرف عظيم حظيت به الأنصار دون سائر القبائل.
وقد أشار ابن حجر إلى وجه الحكمة في قسم غنائم حنين على المؤلفة دون غيرهم ممن قوي إيمانه، فقال: "اقتضت تلك الحكمة أن تقسم تلك الغنائم في المؤلفة قلوبهم ويوكل من قبله ممتلئ بالإيمان إلى إيمانه، ثم كان من تمام التأليف رد من سبي [1] جاءت جملة: "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم" في صحيح مسلم3/1408 كتاب الجهاد، باب فتح مكة من حديث أبي هريرة مطول وفيه "وجاءت الأنصار فأطلقوا بالصفا، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، قال أبو سفيان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن".
فقالت الأنصار: "أما الرجل فقد أخذته الرأفة بعشيرته ورغبة في قريته ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "قلتم: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته، ألا فما اسمي إذا (ثلاث مرات) أنا محمد بن عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم" قالوا: والله ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله، قال: "فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم". [2] جامع البيان 10/100-101 وتقدم الحديث برقم (42) . [3] فهو من مراسيل قتادة ومراسيله بمنزلة الريح، كما قال: يحيى بن سعيد القطان. انظر فتح المغيث 1/148 وتدريب الراوي للسيوطي ص 125. [4] تقدم الحديث برقم (43) .