اسم الکتاب : مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع المؤلف : قريبي، إبراهيم بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 353
المبحث الثالث: إبراز بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد كانت قصة الإفك فريدة في نوعها وضخامتها عن جميع المحن والمصائب التي واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة وفي غيرها. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد وطن نفسه لمواجهة كل بلية أو أذى يقوم به المنافقون لأنه على علم وبصيرة نافذة بمكايدهم وخستهم، إلا أنه لم يكن يتوقع منهم النيل من عرضه ورميه في أحب الناس إليه، لذا كانت حادثة الإفك لها أثرها ووقعها الثقيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد جاءت هذه القصة تحمل في طياتها إبراز بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يتأثر
ولقد توقع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعاقب المنافقين على سوء صنيعهم وعلى الأقل بقتل رأس الفتنة ابن أبي ولكن لم يقع شيء من هذا كله، ولقد جاء ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه فقال: "يا رسول الله إن كنت أمرت بقتل والدي فأنا الذي آتيك برأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل رجلا مؤمنا بكافر، فأدخل النار"، فكان الجواب النبوي "بل نترفق ونحسن صحبته ما بقي معنا"[1].
لقد كان من آثار هذه المعاملة الحسنة أن قوم عبد الله بن أبي ابن سلول هم الذين أخذوا يعنفونه ويفضحون أمره ويأخذون على يديه، ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من فعلهم مع ابن أبي أرسل إلى عمر بن الخطاب فقال له: "كيف ترى يا عمر، أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته"، قال عمر بن الخطاب: "قد علمت والله لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري"[2]. [1] سيرة ابن هشام 2/292- 293. [2] المصدر السابق 2/293.
اسم الکتاب : مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع المؤلف : قريبي، إبراهيم بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 353