responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر زاد المعاد المؤلف : محمد بن عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 81
لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فسلم عليهم، واستمع مَا يُحَيُّونَكَ، فِإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ» [1] . وَفِيهِمَا: أَنَّهُ أمر بإفشاء السلام، وأنهم إذا أفشوا السلام تَحَابُّوا، وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، ولا يؤمنوا حَتَّى يَتَحَابُّوا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: قَالَ عمار: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ. وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ أُصُولَ الْخَيْرِ وَفُرُوعَهُ، فَإِنَّ الْإِنْصَافَ يُوجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءَ حقوق الله كاملة، وأداء حقوق الناس كذلك، ويعاملهم بما يحب أن يعاملوه به، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا إِنْصَافُهُ نَفْسَهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَدَّعِي لَهَا مَا لَيْسَ لَهَا، وَلَا يخبثها بتدنيسه لها بمعاصي الله. والمقصود أن الإنصاف من نفسه يوجب عليه معرفة ربه، ومعرفة نفسه، ولا يزاحم بها مالكها، ولا يقسم مراده بين مراد سيده ومرادها، وَهِيَ قِسْمَةٌ ضِيزَى، مِثْلَ قِسْمَةِ الَّذِينَ قَالُوا: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الْأَنْعَامِ: 136] [2] . فَلْيَنْظُرِ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ بَيْنَ نَفْسِهِ وَشُرَكَائِهِ وَبَيْنَ اللَّهِ، لِجَهْلِهِ وَظُلْمِهِ، وَإِلَّا لُبِّسَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يشعر، فإنه خلق ظلوما جهولا، وكيف يَطْلُبُ الْإِنْصَافَ مِمَّنْ وَصْفُهُ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ! وَكَيْفَ يُنْصِفُ الْخَلْقَ مَنْ لَمْ يُنْصِفِ الْخَالِقَ، كَمَا في الأثر: «ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي، خَيْرِي إِلَيْكَ نَازِلٌ، وشرك إلي صاعد» . وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: «ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي، خَلَقْتُكَ وَتَعْبُدُ غَيْرِي، وَأَرْزُقُكَ وَتَشْكُرُ سِوَايَ» . ثُمَّ كَيْفَ يُنْصِفُ غَيْرَهُ مَنْ لَمْ يُنْصِفْ نَفْسَهُ بل قد ظلمها أقبح الظلم وهو يظن أنه يكرمها! وبذل السلام للعالم يتضمن التواضع، وأنه لا يتكبر على أحد، والإنفاق من الإقتار لا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله، وقوة يقين، وتوكل ورحمة، وزهد وسخاء نفس، وتكذيب بوعد من يعده الفقر، ويأمره بالفحشاء.

[1] متفق عليه.
[2] سورة الأنعام، الآية: 136.
اسم الکتاب : مختصر زاد المعاد المؤلف : محمد بن عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست