responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر زاد المعاد المؤلف : محمد بن عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 150
فَإِنْ تنْج مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عظيمَةٍ ... وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكُ نَاجِيًا
فَلْيَعْتَنِ اللَّبِيبُ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ ويستغفره كُلَّ وَقْتٍ مِنْ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ ظَنَّ السَّوْءِ.
وَالْمَقْصُودِ مَا سَاقَنَا إِلَى هَذَا الْكَلَامِ مِنْ قوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154] [1] ثم أخبر عن الكلام الصادر عَنْ ظَنِّهِمُ الْبَاطِلِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: {هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 154] وَقَوْلُهُمْ: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] فليس مقصودهم بهذا إثبات القدر، ولو كان ذلك لم يذموا، ولما حسن الرد عليهم بِقَوْلِهِ: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] ولهذا قال غير واحد: إن ظنهم هذا التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ، وَظَنُّهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ إليهم لما أصابهم القتل، فأكذبهم بقوله: {إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] فَلَا يكون إلا ما سبق به قضاؤه، فلو كتب القتل على من كان في بيته لخرج إلى مضجعه، وَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْأَشْيَاءِ إبْطَالًا لِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ.
ثم أخبر تعالى عن حكمة أخرى في هذا التقدير، وهي ابتلاء ما في صدورهم، واختبار مَا فِيهَا مِنَ الْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، فَالْمُؤْمِنُ لَا يزداد بذلك إلا إيمانا، والمنافق ومن في قلبه مرض يظهر على جوارحه، ثم ذكر حكمة أخرى، وهي تمحيص ما في قلوب المؤمنين، وهو تنقيتها، فإن القلوب يخالطها من بغلبة الطبائع وميل النفس، وَحُكْمِ الْعَادَةِ، وَتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ، وَاسْتِيلَاءِ الْغَفْلَةِ مَا يضادُّ ما فيها من الإيمان، فلو كانت في عافية دائمة لم تتخلص من هذا، فكانت رحمته عليهم بهذه الكسرة والهزيمة تعادل نعمته عليهم بالنصرة، ثم أخبر تعالى عمن تولى من المؤمنين، وأنه بسبب ذنوبهم فاستزلهم الشيطان بتلك الأعمال، فَكَانَتْ أَعْمَالُهُمْ جُندا عَلَيْهِمُ ازْدَادَ بِهَا عَدُوُّهُمْ قُوَّةً، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ جُنْدٌ لِلْعَبْدِ وجُند عَلَيْهِ، ففرار الإنسان من عدو يطيقه إنما هو بجند من عمله.
ثم أخبر أَنَّهُ عَفَا عَنْهُمْ لِأَنَّ هَذَا الْفِرَارَ لَمْ يكن عن شك وإنما كان لعارض، ثم ذكر سبحانه أن هذا بأعمالهم فَقَالَ: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آلِ عِمْرَانَ: 165] [2] وَذَكَرَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِيمَا هُوَ أعم من ذلك في السور المكية، وقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] (3)

[1] سورة آل عمران، الآية: 154.
[2] سورة آل عمران، الآية: 165.
(3) سورة الشورى، الآية: 30.
اسم الکتاب : مختصر زاد المعاد المؤلف : محمد بن عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست