responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 88
أقطارها، فعلى الداخل في دينهم أن يحمل وزرا من المقت المكتوب عليهم.
والنصارى وقع بينهم شقاق رهيب في طبيعة المسيح ووضعه، ووضع أمّه، من الإله الكبير، وقد أثار هذا الخلاف بينهم الحروب المهلكة، وقسمهم فرقا يلعن بعضها بعضا.
وكان نصارى الشّام الذين سألهم زيد (يعاقبة) ، يخالفون المذهب الرسمي لكنيسة الرومان، فلا غرابة إذا أشعروا زيدا بما يقع عليه من عذاب لو دخل في دينهم، أو لعل هذه اللعنة المرهوبة هي تبعات الخطيئة التي اقترفها ادم، واستحقّها من بعده بنوه كما يدّعي ذلك النصارى وهم يبرّرون صلب المسيح، ومن حقّ زيد أن يدع هؤلاء وأولئك، ويرجع إلى دين إبراهيم عليه السّلام يبحث عن أصوله وفروعه.
وأخرج البخاريّ: عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول: «يا معشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم عليه السّلام غيري» ، وكان يحيي الموؤدة، يقول للرجل- إذا أراد أن يقتل ابنته-: أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤنتها [1] .
إنّ زيدا واحد من المفكّرين القلائل الذين سخطوا ما عليه الجاهلية من نكر، وإنه ليشكر على تحرّيه الحقّ، ولا يغمط هو ولا غيره أقدارهم بين قومهم، لكن القدر كان يتخيّر رجلا يبصر الحقّ، ويملك من الطاقة ما يدفعه به إلى افاق العالمين، في وجه مقاومة تسترخص النفس والنفيس للإبقاء على الضّلال، والإمساك بليله البارد الثقيل.
كان القدر يعدّ لهذه الرسالة الضخمة رجلها الضّخم، والعظائم كفؤها العظماء!.

[1] حديث صحيح، والبخاري إنما خرجه: 7/ 114- 115، معلّقا، فكان يحسن تقييد العزو إليه بهذا، وقد وصله جماعة ذكرهم الحافظ في الفتح، وفاته أنّ الحاكم وصله أيضا في المستدرك: 3/ 440، وقال: «صحيح على شرط الشيخين» .
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست