اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 138
الإسراء والمعراج
يقصد بالإسراء الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس، ويقصد بالمعراج ما عقب هذه الرحلة من ارتفاع في طباق السموات حتى الوصول إلى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق، ولا يعرف كنهه أحد، ثم الأوبة- بعد ذلك- إلى المسجد الحرام بمكة. وقد أشار القران الكريم إلى كلتا الرحلتين في سورتين مختلفتين، وذكر قصة الإسراء وحكمته بقوله:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) [الإسراء] .
وذكر قصة المعراج وثمرته بقوله:
وَلَقَدْ رَآهُ يعني: جبريل نَزْلَةً أُخْرى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (14) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (16) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (17) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (18) [النجم] .
فتعليل الإسراء- كما نصّت الاية- أنّ الله يريد أن يري عبده بعض آياته.
ثم أوضحت ايات المعراج أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام شهد- بالفعل- بعض هذه الايات الكبرى.
وقد اختلف العلماء من قديم: أكان هذا السّرى الخارق بالروح واحده، أم بالروح والجسد جميعا؟ والجمهور على القول الأخير.
وللدكتور هيكل رأي غريب، فقد اعتبره استجماعا ذهنيا ونفسيا لواحدة الوجود من الأزل إلى الأبد، في فترة من فترات التألّق النفساني الفذّ، الذي اختص به بشر نقيّ جليل مثل محمد صلى الله عليه وسلم، وفي إبّان هذا التألّق، الذي استعالى به على كلّ شيء استعرض حقائق الدين والدنيا، وشاهد صور الثواب والعقاب ...
إلخ.
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 138