responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 134
في الطائف
ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف حيث تقطن ثقيف، وهي تبعد عن مكة نحو الخمسين ميلا، سارها محمد صلى الله عليه وسلم على قدميه جيئة وذهابا، فلمّا انتهى إليها قصد إلى نفر من رجالاتها، الذين ينتهي إليهم أمرها، ثم كلّمهم في الإسلام، ودعاهم إلى الله، فردوه- جميعا- ردّا منكرا، وأغلظوا له الجواب، ومكث عشرة أيام، يتردّد على منازلهم دون جدوى.
فلمّا يئس الرسول عليه الصلاة والسلام من خيرهم، قال لهم: «إذا أبيتم، فاكتموا عليّ ذلك» - كراهية أن يبلغ أهل مكة، فتزداد عداوتهم وشماتتهم- لكنّ القوم كانوا أخسّ مما ينتظر، قالوا له: اخرج من بلدنا، وحرّشوا عليه الصبيان والرعاع، فوقفوا له صفين يرمونه بالحجارة، وزيد بن حارثة يحاول- عبثا- الدفاع عنه، حتى شجّ في ذلك رأسه.
وأصيب الرسول عليه الصلاة والسلام في أقدامه، فسالت منها الدماء، واضطره المطاردون إلى أن يلجأ إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة، حيث جلس في ظل كرمة يلتمس الراحة والأمن.
وكان أصحاب البستان فيه، فصرفوا الأوباش عنه، واستوحش الرسول عليه الصلاة والسلام لهذا الحاضر المرير، وثابت إلى نفسه ذكريات الأيّام التي عاناها مع أهل مكة، إنه يجرّ وراءه سلسلة ثقيلة من الماسي المتلاحقة، فهتف يقول:
«اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس.. أنت أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي..
إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهّمني، أم إلى عدوّ ملّكته أمري؟! إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك هي أوسع لي..!!.
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا

اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست