responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 56
فيها، فهي- على مالها من قداسة ووجاهة عظيمة عند الله- حجارة لا تضر ولا تنفع. ولكن الله عزّ وجلّ لما بعث إبراهيم عليه الصلاة والسلام بتكسير الأصنام والطواغيت وهدم بيوتها والقضاء على معالمها ونسخ عبادتها، اقتضت حكمته جلّ جلاله أن يشيّد فوق الأرض بناء يكون شعارا لتوحيد الله وعبادته وحده، ويظل- مع الدهر- تعبيرا للعالم عن المعنى الصحيح للدين والعبادة وعن بطلان كل من الشرك وعبادة الأصنام. لقد قضت البشرية ردحا من الزمن، تدين بالعبادة للحجارة والأصنام والطواغيت وتنشئ لها المعابد، ولقد آن لها أن تدرك بطلان كل ذلك وزيفه، وآن لها أن تستعيض عن تلك المعابد هذا الرمز الجديد.. هذا المعبد الذي أقيم لعبادة الله وحده، يدخله الإنسان ليقف عزيزا لا يخضع ولا يذل إلا لخالق الكون كله، وإذا كان لا بدّ للمؤمنين بوحدانية الله والداخلين في دينه من رابطة يتعارفون بها، ومثابة يؤوبون إليها، مهما تفرقت بلدانهم وتباعدت ديارهم واختلفت أجناسهم ولغاتهم، إذا كان لا بدّ من ذلك فليس أجدر من هذا البيت الذي أقيم رمزا لتوحيد الله، وردّا على باطل الشرك والأصنام، أن يكون هو الرابطة وهو المثابة لهم جميعا، يتعارفون في حماه، ويلتقون على الحق الذي شيّد ليكون تعبيرا عنه. فهو الشعار الذي يجسد وحدة المسلمين في أقطار الأرض، ويعبر عن توحيد الله والعبادة له وحده مهما أقيم من آلهة زائفة وانتصب من متألهين باطلين على مرّ الأزمنة والعصور.
وهذا معنى قوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة 2/ 125] ، وهذا هو المعنى الذي يلحظه الطائف بالبيت الحرام، بعد أن يملأ قلبه من معنى العبودية لله تعالى والقصد إلى تحقيق أوامره من حيث إنها أوامر ومن حيث إنه عبد مكلّف بتلبية الأمر وتحقيق المأمور به. ومن هنا جاءت قداسة البيت وعظم مكانته عند الله تعالى وكانت ضرورة الحج إليه والطواف من حوله.
ثانيها: بيان أهم ما تعاقب على الكعبة من الهدم والبناء.
بنيت الكعبة خلال الدهر كله، أربع مرات بيقين، ووقع الخلاف والشك فيما قبل هذه المرات الأربع وبعدها.
فأما المرة الأولى منها: فهي التي قام بأمر البناء فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعينه ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وذلك استجابة منه لأمر ربّه جلّ جلاله، ثبت ذلك بصريح الكتاب والسّنة الصحيحة. أما الكتاب فقوله:
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ، رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة 2/ 127] .
وأما السّنة: فأحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس، وجاء فيه:

اسم الکتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست