اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 414
والخزرج حتّى همّوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فنزل فخفّضهم حتّى سكتوا وسكت، وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي، وقد بكيت ليلتين ويوما حتّى أظنّ أنّ البكاء فالق كبدي، قالت: فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيل فيّ ما قيل قبلها، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهّد ثمّ قال: «يا عائشة فإنّه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تاب تاب الله عليه» ، فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرة، وقلت لأبي:
أجب عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمّي:
أجيبي عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال: قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:
وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ كثيرا من القرآن فقلت: إني والله لقد علمت أنّكم سمعتم ما يتحدّث به النّاس ووقر في أنفسكم، وصدّقتم به، ولئن قلت لكم: إنّي بريئة- والله يعلم إنّي لبريئة- لا تصدّقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي بريئة لتصدّقنّي، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا أبا يوسف إذ قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ، ثمّ تحوّلت على فراشي وأنا أرجو أن يبرّئني الله، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلّم بالقرآن في أمري، ولكنّي كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّوم رؤيا يبرّئني الله، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه الوحي، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء [1] حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات، فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال لي: «يا عائشة احمدي الله فقد برّأك الله» ، فقالت لي أمّي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلّا الله، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ... الآيات، فلمّا أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد ما قال لعائشة؛ فأنزل الله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فقال [1] البرحاء: أي الشدة والتغير الذي كان يعتريه صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي.
اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 414