اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 337
وهذه الحالة من اليقين تتفاوت درجات الناس فيها، بتفاوت علمهم بعظيم شأن الله سبحانه وتعالى- وإحاطة علمه بكل شيء، ويقوي ذلك عند المسلم كثرة قراءة القرآن بتدبر وتفكر، خاصة الآيات التي يذكر فيها أسماء الله وصفاته وقدرته على كل شيء، وإحاطته بكل شيء، مثل قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ [المجادلة: 7] .
وقوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام: 59] ، كما يقوي ذلك: النظر في السيرة النبوية العطرة، ومعرفة أحوال النبي مع ربه، وأحوال الصحابة، مثل الحديث الذي معنا، ويجب على كل مسلم أن يراجع نفسه في مسألة اليقين ليعلم أين هو منها، فينظر مثلا في صدقه، وفي إخلاص نيته لله، وفي مراقبته لله- عز وجل- إذا كان خاليا، فكلما تمكن اليقين من قلبه، كلما كان صادقا مع الله ومع نفسه ومع الناس، صدق في القول، وفي الوعد، ولا يخون العهد، يراعي الله- عز وجل- في أهله وولده وعمله، وكلما ضعف اليقين زاد التفريط.
7- نأخذ من الحديث أيضا يقينه باتصال النبي الدائم بالله- عز وجل- وأن الوحي عنه لا ينقطع في كل الأمور كبيرها وصغيرها، وأن هذا الأمر قد رباهم على الصدق والخوف من الله- عز وجل- وذلك من قول كعب: (ليوشكن الله أن يسخطك علي) ، ولن يكون السخط إلا بوحي وإعلام من الله لرسوله، ولشدة يقينة بذلك ما كذب على الرسول، بل صدقه القول، ونأخذ ذلك أيضا من قول كعب: (إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر) .
8- إجلال كعب للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره، وأنهم كانوا يرون كل أهل الأرض من ملوك ووزراء وكبراء دونه، لقول كعب: (لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج منه بعذر) .
9- نأخذ من الحديث يقينه بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم شيئا من الغيب، وأن كل الذي نبأ به من أمور الغيب إنما هو بوحي من الله- عز وجل- أي أنه لم يعلمه ابتداء من عند نفسه، ولا أن الله- عز وجل- أطلعه على كل الغيب دفعة واحدة، فيستوي بذلك علمه مع علم الله- عز وجل- وهذا أشنع وأعظم ما يمكن أن يقال أو يعتقد، وما زال القرآن يربي المسلمين على
اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 337