الفائدة الخامسة:
دلت الآية الكريمة دلالة مباشرة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما فعله وكل ما أمر به أو نهى عنه، ووجه ذلك أن الله عزّ وجلّ ما كان ليأمرنا أمرا مطلقا باتباع كل ما جاء بالسنة، إلا لعلمه بعصمة صاحب هذه السنة صلى الله عليه وسلم في جده وضحكه، في رضاه وغضبه، في صحته ومرضه، بل في يقظته ومنامه وفي حلّه وتر حاله، فمن شكك في تلك العصمة فقد طعن في حكمة الله عزّ وجلّ.
2- الاتباع دليل محبة الله وسبب مغفرة الذنوب:
قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31] . قال الشيخ السعدي- رحمه الله- في تفسير الآية الكريمة كلاما جامعا مانعا، حيث قال ما نصه: (هذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ، أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله- تعالى-، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبّا لله- تعالى-؛ لأن محبة الله توجب له اتباع رسوله فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله وما نقص من ذلك نقص) [2] .
بعض فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى:
أن الله عزّ وجلّ يحبّ ويحبّ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا لمن أنكر أن الله عزّ وجلّ يحب، لحجج عقلية، دفعوا بها النصوص الصريحة الصحيحة، ومن تلك الحجج أن الحب فيه ليونة، والله عزّ وجلّ منزه عن ذلك، وأن الحب يكون من اثنين من جنس واحد، ويؤولون الحب بأنه إرادة الثواب [3] ، وهذا المذهب خاطئ، من عدة وجوه: [1] انظر «الرسالة» للشافعي، (1/ 138) . [2] تيسير الكريم المنان (ص 128) . [3] قال بذلك الإمام النووي على صحيح مسلم، (6/ 95) ، وانظر «فيض القدير» ، (1/ 179) .
اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 28