اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 155
دُعائِهِمْ غافِلُونَ (5) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ [الأحقاف: 5- 6] فبينت الآيتان ضلالهم من عدة وجوه:
1- أنهم يدعون من هو دون الله، فقد تركوا الغني من كل الوجوه ودعوا الفقير من جميع الوجوه، تركوا من يخلق ودعوا من لا يخلق، قال تعالى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ [النحل: 17] ، فكل أحد غير الله هو دون الله.
2- أنهم يدعون من لا يستجيب لهم بجلب نفع أو دفع ضر، ولو استمر دعاؤهم إلى يوم القيامة، وهم- مع عدم استجابتهم- غافلون عمن يدعونهم، لعدم سماعهم الدعاء.
3- أنهم يدعون من يناصبهم ويظهر لهم العداوة يوم القيامة، وينكرون عليهم دعاءهم، ويتبرؤن إلى الله من ذلك، وانظر كيف أطلقت الآية الكريمة العبادة على الدعاء، قال تعالى: وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ [الأحقاف: 6] .
أخيرا أهمس في أذن كل من يذهب إلى القبور لدعوة أموات، يرجون منهم الرزق والولد، وحل العقد، وأقول لهم: كيف تعرضون عن الله، وتتوجهون لمن هو دونه؟! إنّ من تدعونه هو في أشد الحاجة إلى من يدعو الله له- ولو كان من أهل بيت النبوة رضي الله عنهم جميعا- وأقول لهم: هذا العمل يخرجكم من ملة الإسلام بالكلية، لماذا تضيعون عليكم الدنيا والآخرة؟ لماذا لا تتلذذون بدعاء الغني الحميد وحده؟ فإذا قلتم: إنهم واسطة لنا عند الله عز وجل، قلت لكم: هذه حجة كفار قريش في عبادة الأصنام، قال تعالى:
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [الزمر: 3] ، والعبد لا يحتاج إلى واسطة لدعوة خالقه، قال تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة: 186] ، فإن السؤال مع أنه كان موجها إلى النبي، فقد جاءت الإجابة مباشرة من الله عز وجل، إلى السائلين عنه بغير واسطة، فلم يقل الله تعالى: قل: إني قريب، فإذا جاءت إجابة السؤال بغير واسطة، فكيف يشرع الدعاء بواسطة، وهذا إيذان بأنه لا واسطة أبدا لمخلوق عند دعاء المولى سبحانه وتعالى.
وتدبر أخي القارئ بقية أسئلة القرآن، مثل قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189] ، وقوله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً [البقرة: 222] ، وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة: 219] ، فإذا قال قائل: أريد واسطة بيني وبين الله، لكثرة ذنوبي وقلة طاعتي، قلت له: ألم تسمع لقوله تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 155