اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 123
حين انصرف وقد آضت الشّمس فقال: «يا أيّها النّاس إنّما الشّمس والقمر آيتان من آيات الله وإنّهما لا ينكسفان لموت أحد من النّاس» - وقال أبو بكر: «لموت بشر- فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلّوا حتّى تنجلي، ما من شيء توعدونه إلّا قد رأيته في صلاتي هذه لقد جيء بالنّار وذلكم حين رأيتموني تأخّرت مخافة أن يصيا بني من لفحها، وحتّى رأيت فيها صاحب المحجن يجرّ قصبه في النّار كان يسرق الحاجّ بمحجنه فإن فطن له قال: إنّما تعلّق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، وحتّى رأيت فيها صاحبة الهرّة الّتي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتّى ماتت جوعا، ثمّ جيء بالجنّة وذلكم حين رأيتموني تقدّمت حتّى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثمّ بدا لي ألاأفعل، فما من شيء توعدونه إلّا قد رأيته في صلاتي هذه» [1] .
الشاهد في الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى هو يصلي، الجنة شاخصة أمامه، ورأى النار، وأطلع على أهلها وهم يعذبون، والصحابة خلفه ينظرون إليه، فلا يرون جنة ولا نارا، بل يرون النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتناول شيئا، كما يرونه وهو يتكعكع. وهذا دليل على ما بوّبت به، أنه يرى ما لا يراه أحد، وقد أثبتّ هذين الحديثين للاستزدادة من الفوائد، وإن كان أحدهما يكفي في الاستشهاد.
بعض فوائد الحديثين:
الفائدة الأولى:
اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة، علمناه من تطويله جدّا، في جميع أركان صلاة الكسوف، بما في ذلك الركوع والسجود.
الفائدة الثانية:
جواز أن يطيل الإمام الصلاة جدّا، وأن النهي عن الإطالة ليس في كل الأحوال، إنما هو في حال خشية وجود من يتأذى من ذلك التطويل، كالضعيف والمريض وذي الحاجة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الصلاة يريد التطويل، فيعرض له عارض فيتجوز فيها، روى البخاري عن أبي قتادة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّي لأقوم في الصّلاة أريد أن أطوّل فيها فأسمع بكاء الصّبيّ فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشقّ على أمّه» [2] .
الفائدة الثالثة:
الحركة الخفيفة في الصلاة لا تبطلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تناول عنقودا، وتكعكع، واستمر في صلاته، كما أن مسارقة النظر لا تبطلها أيضا، لقول الصحابة: [1] رواه مسلم، كتاب الكسوف، باب: ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، برقم (904) . [2] رواه البخاري، كتاب الأذان، باب: من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم (707) .
اسم الکتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المؤلف : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 123