اسم الکتاب : شرف المصطفى المؤلف : الخركوشى الجزء : 1 صفحة : 374
إلى كل رضيع في قريش، فبينا أنا كذلك إذا أنا بعبد المطلب وجمّته تضرب منكبيه ينادي بأعلى صوته: معاشر الرضع هل فيكن واحدة؟
قالت: فقصدت قصده، فقلت: أنعم صباحا أيها الملك المنادي، قال:
فمن أنت؟ قلت: أنا امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قلت:
حليمة، فضحك عبد المطلب وزجر وقال: بلغ، بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان فيهما غنى الدهر، وعز الأبد، ويحك يا حليمة إن عندي غلاما صغيرا يتيما يقال له: محمد، وإني قد عرضته على جميع نساء بني سعد فأبين أن يقبلنه وقلن: إنه يتيم وما عند اليتيم من خير، وإنما نلتمس كرامة الآباء، فهل لك أن ترضعيه لعلك تسعدين به؟ قالت قلت: حتى أستأمر صاحبي فتعلق بي وقال: بالله لترجعين لا كارهة، قالت: قلت:
والله لأرجعن لا كارهة.
قالت: فانطلقت إلى صاحبي فأخبرته بذلك، فكأن الله قذف في قلبه فرحا وقال: ويحك خذيه، فإن فاتك محمد لن تفلحي أبد الآبدين ودهر الداهرين، قلت: فأردت والله أن لا أرجع وذلك أنه كان معي ابن أخت لي فقال لي: يا خالة أترجع نساء بني سعد بالرضاع والكرم من الآباء وترجعين أنت بيتيم في قريش، فإن أخذتيه لا تزدادي على نفسك إلا جهدا وضرا، فأردت أن لا أرجع، فأخذتني الحمية وعصبية الجاهلية، فقلت: ترجع نساء قومي بالرضاع وأرجع خائبة، والله لآخذنه وإن كان يتيما، فهذا عبد المطلب جده لم أر في الآدميين أجمل منه جمالا، وإن رؤياي التي رأيتها في المنام وتصديقها في اليقظة لا يذهب قوله: «بلغ» :
أي: المنى والمراد، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
اسم الکتاب : شرف المصطفى المؤلف : الخركوشى الجزء : 1 صفحة : 374