اسم الکتاب : شرف المصطفى المؤلف : الخركوشى الجزء : 1 صفحة : 372
قالت: فانتبهت من المنام وأنا أجمل نساء بني سعد قاطبة، لا أطيق أن أنقل ثديي كأنهما الجرة- كالجرة العظيمة- يتسبسب ويشخب منها لبن يقطر كما يقطر الروايا، وإن الناس من بني سعد حولي لفي ضيق وإنما كنا نرى البطون لازقة بالظهور، والألوان متغيرة، وكنا نسمع من كل دار أنينا كأنين المرضى من شدة الجهد والجوع، لا يكاد يجري الدمع إذا بكت العيون من شدة اليبوسة وضيق الزمان، لا نرى في الجبال الراسيات شيئا قائما، ولا على وجه الأرض شجرا زاهرا.
قالت: وكادت العرب أن تهلك هزلا وضرا، واجتمع النساء حولي يتعجبن مني ويقلن: يا بنت أبي ذؤيب إن لك شأنا وقصة، أصبحت اليوم تتشبهين ببنات الملوك، ولقد فارقتنا بالأمس وبك ما بك من تغير اللون وضيق العيش! قالت: فكنت لا أجيب جوابا، ولا أنطق وذلك أني أمرت في المنام، فكتمت شأني.
ثم صعدنا يوما إلى بطحاء مكة نطلب النبات كعادتنا فسمعنا مناديا ينادي: ألا إن الله تبارك وتعالى حرّم في هذه السنة على نساء الشرق والغرب والجن والإنس يلدن في هذه السنة بناتا لأجل مولود يولد في قريش، هو شمس النهار، وقمر الليل، وطوبى لثدي أرضعته، ألا فبادرن يا نساء بني سعد.
فلما سمع النساء ذلك انحدرن جميعا من ذروة الجبل، وجعلن يخبرن أزواجهن بما سمعن، وعزم النساء الخروج إلى مكة، فخرجن- وكانوا في جهد جهيد- وخرجت أنا على أتان لي معنا، فأسمع لها في جوفها خضخضة قد بدت عظامها من سوء حالها، وصاحبي معي، قالت: فجعل النساء يجددن في السير، ويقول صاحبي: ألا ترين النساء قد سبقننا؟
اسم الکتاب : شرف المصطفى المؤلف : الخركوشى الجزء : 1 صفحة : 372