اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 560
ترتيب مقامه وتحصيل مرامه (والتئام سرده) أي وتناسب ما قبله لما بعده (وتناصف وجوهه) أي توافق ضروبه وتعانق فنونه كأن كلا منها أنصف الآخر في أخذ حظه من قولهم تناصفوا إذا انصف بعضهم بعضا من نفسه (كقصّة يوسف على طولها) أي المشتملة على دررها وغررها من بيان أبوابها وفصولها (ثمّ إذا تردّدت) أي تكررت (قصصه) بكسر القاف جمع قصة بخلاف فتحها فإنه مصدر قص كما يستفاد من قوله تعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ وليس كما يتوهم جمع بأنه جمع (اختلفت العبارات) أي إيجازا وإطنابا وتفننا في بيانها غيبة وخطابا (عنها) أي عن تلك القصة (على كثرة تردّدها) أي مع كثرة تردادها وتكرارها (حتّى تكاد كلّ واحدة) أي من القصص (تنسّي) بضم التاء وكسر السين مخففا أو مثقلا أي تذهب على خاطر المستمع المصغي المتأمل (في البيان) أي في مراتب بيانه ومناقب شأنه من القصص (صاحبتها) أي نظيرتها (وتناصف) بضم التاء وكسر الصاد أي وتحاكي (في الحسن) أي في حسن مطالعتها حال مقابلتها مرآة (وجه مقابلتها) بكسر الباء (ولا نفور للنّفوس من ترديدها) أي ولا تنفر للنفوس النفيسة من سمع تكريرها وتعداد تقريرها (ولا معاداة) أي من أحد (لمعادها) بضم الميم أي لمكررها والضمير للقصص على منوال ما قبلها ووقع في أصل الدلجي لمعاده بإفراد الضمير المذكر فقال أي القرآن والحاصل أنه كما قال الشاطبي:
وخير جليس لا يمل حديثه ... وترداده يزداد فيه تجملا
وكما قال غيره:
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع
ولكن هذا بالنسبة إلى صاحب قلب سليم لا إلى من له طبع سقيم.
فصل [الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ الْعَجِيبِ والأسلوب الغريب]
(الوجه الثّاني من إعجازه) أي من وجوه ضبط أنواع إعجاز القرآن (صورة نظمه العجيب) لما فيه من بدائع التركيب وروائع الترتيب، (والأسلوب) بضم الهمزة واللام الفن (الغريب) وكان المناسب أن يقول وأسلوبه الغريب (المخالف) أي بغرابته مع نهاية فصاحته وغاية بلاغته (لأساليب كلام العرب) أي لما أودع فيه من دقائق البيان وحقائق العرفان وحسن العبارة ولطف الإشارة وسلاسة التركيب وسلاسة الترتيب (ومناهج نظمها) أي طريق مبانيها الواضح البين عند أهلها (ونثرها) أي خطبا ورسائل وغيرها (الذي جاء عليه) أي نزل على وفقه القرآن إيماء بأن ما عجزوا عنه إنما هو كلام منظوم من عين ما ينظم كلامهم منه ليعلموا أنه ليس من كلام النبي الكريم بل هو منزل عليه من عند الله العظيم (ووقفت مقاطع آية) أي أواخر وقوف فواصلها من التام والكافي والحسن وباختلاف محالها وزيد في أصل الدلجي هنا لفظ عليه فقال أي على الأسلوب الغريب الذي قصرت عن وصف كنه إعجازه العبارة إذ
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 560